الكتابة مهنة الملائكة | بقلم :عبد الوهاب محسن الدُّيروي | باكستان

صحيحٌ أنَّ التعبير عن الشعور و الفكرة ليس حكرًا على الحرف و الكلمة.

وثمَّة فنونٌ و آلیات و دلالات غیر اللفظية تفي بالتعبير أكثر وربّما بوجهٍ أجمل و أدقَّ.

فتجد رسّاما يحوّل حلمًا إلى لوحةٍ فنّية رائعة يلمسها الناس بالبنان.

و تجد مُمثّلاً یحوّل قصّةً من نسج الخیال إلى واقعٍ يُشاهَد.

وتجد لسِنًا مفوّهًا يُلقي سحرًا، يُريك الظلمة نورًا، والنور ضياءًا.

ولكن ليس شيء من كل ذلك يؤثّر تأثيرَ الكتابة بالقلم،
ولا ينفع مثلَ نفعِها،
ولا يشرُف مثلَ شرَفها.

وقد قالوا: إن اللسان لسان بيان ولسان بنان، أما لسان البيان فتدوسه الأعوام، وأما لسان البنان فتُبقيه الأيام”.

الكتابة بالقلم مِهنةٌ شريفة و هوايةٌ نبيلة، وقد تصبح واجبا دينيّا و فريضةً شرعية.

ولأمرٍ مـّا أقسم الله تعالى بالقلم، وخصّه بالذكر، وأفرده بالإجلال و التعظيم بين سائر الأدوات التعبيرية في هذا الكون.

طبعًا؛ لِيعطيَ إيحاءًا الى سُموّ القلم، و عظيم قدره، وكِبَر مسئولیته، وخطورةِ أمره.

وقد وصفَ الأدباء والبلغاء القلم بعباراتٍ جميلةٍ، وكلماتٍ رائعةٍ لوجُمعتُ لجاءَت كتابًا ضخمًا في عدة أجزاء.
وممّا راعني منها أن: القلم رسول الضمائر، وسفير العقل، وترجمان القلب.
وقالوا أيضًا: “القلم أنف الضمير، إذا رعف أثار أسراره.”

و لأنّ القلم أوَّل مخلوقٍ في العالَم فهو يتمتع بتاريخٍ هو أطول التواريخ وأعظمها وأقدمُها وأنبلُها.

فمن القلم ما كتب به الرحمن تبارك وتعالى ألواحًا (فيما أخرجوه في بعض الروايات) حتى سمع أهل السماوات صريره وهو يكتب!

ومن القلم ما سطَر كلَّ ما حدث في هذا الكون، و يسطُر كل ما هو كائن في هذا الكون أبدًا.
وهو قلمُ القدرِ، يرسُم كل ما كان و يكون.

وقد لا نجانب الصواب إذا قلنا هنا أن الكتابة بالقلم “مهنة الملائکة” في اللوح المحفوظ، وواجب الكرام الكاتبين منهم.

ولا غروَ أن تستمدّ من هذا المنبع الشريف أقلامُ البشر مجدَها و شرَفها، وقوّتها وقداستَها.

وأن تستوحي منه دورَها المنوطَ بها ورسالتَها المُلقاةَ على كواهِلها.

🖋️عبدالوهّاب سلطان الدِّيروي.باكستان

📝حَصاد اليوم: 28 ذوالقعدة 1441ھ

عن سوزان الأجرودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!