في الليل على الأقل /للشاعر الفرنسي جان بابتيست بديني

 ترجمة محمد العرابي.

1-

شيء ما يناديه، يرج، يومض، يطفئ فيه كل سرُج الليل، ويضغط على وجهه وسادة من ريش أحمرَ. شيء ما يناديه ويحس في عنقه ملامسة الشفرةَ الحادة، الخدشَ المصطنع للصباحات المشيَّعَة، والخشونة في موادها. هو لم يعد موجودا بالفعل. كأن صوتا يبعده من ذاته، كأن التمزقات كانت دورية في النهاية. بلا منطق. بدون توقف. شيء ما يناديه وشيئا فشيئا يكون الحلم هو الذي ينفلق وأطراف من الصَّدَفات تنفصل عن فمه، عن جِدعه المتصلِّب وعن ساقيه وهما تتدليان بارتباك في بالفراغ. هو لم يعد موجودا فيها بالفعل. ذلك أنه في الحاضر شيء ما فيه يصرخ بكل قوة.

2-

الافتتان صدمةٌ لا يمكن تفاديها، انفجارٌ يصدُّ الانفجارُ عنه البياضَ. شظايا صمت صغيرة تملأ فمه، تجعل تهديد النظرات يعود إليه بجرة قلم، يعود إليه الذهول الوليد أمام القلوب والنبضات العاطلة. يدنو الأبيض قريبا منه، يزدرده ويهضمه بأسرع ما يمكن دون أن يفكر حتى في الموت، ولا في كل هذه الظلال حول قبره. قبرهُ سماءٌ في حالة فوضى، ومع ذلك كل إيماءة من إيماءاته كل جرح من جراحاته، من حيواته المنهارة، لها محلّ. قبره سماوي، ينبعث منه بهدوء ، ويحمل الليل مثل كثير غيره كصليب.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

2 تعليقات

  1. اختيارات متنوعة لتجارب شعرية معاصرة وترجمة تتلبس روح النص ، شكرا مع الاماني بمزيد من العطاء المتميز والرائع دوما

اترك رداً على Kareem sadoon إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!