قراءة في أدب أمل مصطفى/ بقلم الأديب محمد الحراكي (ابن العابدين)

لصحيفة آفاق حرة
_______________

قراءة في أدب أمل مصطفى

بقلم الأديب محمد الحراكي (ابن العابدين)

للآداب والفنون جماليات وخواص تبعث على السماحة في النفوس والتواد والتراحم والتكافل والتعاون والتواصل وبها ترقى المجتمعات وتعلو على الاحقاد والضغائن والتباعد والتحاسد وهو محرض على التفكر والتأمل والابداع والحديث عن النثر هذا النوع من الكتابة والادب فحيث وجد الجمال في الكلمة سواء المنطوقة او المكتوبة سمي ذلك ادبا حتى اشار بعضهم الى ان الكتابة ولو كانت في الفيزياء قد تسمى ادبا اذا شملت على الاسلوب الجميل واصابة المعنى
ولعلنا بعجالة نذكر ان النثر والشعر قد تأثر في العصور السابقة واصابه القصور والضمور حيث كان الاهتمام آنذاك بالصناعة اللفظية التي تعتمد على المحسنات البديعية والجناس والطباق مما اضعف الحس اللغوي وبقي الامر كذلك حتى منتصف القرن العشرين الى أن امتدت الجسور الثقافية والبعثات الثقافية والتراجم والصحف والمجلات مما حدى بالكتاب الى التجديد وظهرت بعض الرسائل المتحررة من السجع والمحسنات اللفظية فاستعاد شأنه ونهض بثوبه الجديد وبرز الكثير من الكتاب الذين ابدعوا فيه وتنوعت مواضيعه من الوجدانية والانسانية والاجتماعية
واستعاد شأنه ونهض بعد قصور حيث ظهرت بعض الرسائل المتحررة من المحسنات البديعية والسجع

ـ. والحديث عن التجديد لا ينفصل بحال عن مزاج العصر كما ذكر ذلك الاستاذ الدكتور ابراهيم السعافين في بحث مفصل نشر في المجلات العربية و المعتمدة وفي مجلة مدارج المنتشرة في العالم العربي والتي اخذت مكانة مجلة العربي الذائعة الصيت
ويقول الدكتور ابراهيم السعافين من الاردن
ـ أن التجديد أمر لا يقتصر على الفكر والثقافة والادب بل يسم كل ملمح من ملامح النشاط الانساني.
فالذي ينظر الى النشاط الإنساني يلاحظ أنه لا يرتبط بحقبة من الزمن بل يخضع لظاهرة التغيير المستمر يتبين ذلك بنظرة سريعة الى الازياء والاغاني وحتى وسائل العيش ما يؤكد ان ظاهرة التجديد تخضع لعامل الزمن
ــ الذين تحدثوا عن الحداثة في العصر الحديث وجدوا أنفسهم في مأزق حاولوا التخلص منه من خلال سطوة الزمن وليس بالأماكن ان تكون الحداثة قرينة لحظة زمنية ثابتة وإلا لكانت النتيجة التشبث بحتميات وهمية على نحو ما اجتهد كثيرا من الفلاسفة والمنظرين والمفكرين على مر التاريخ
حيث كانت الحداثة التاريخية الاولى بنت حقبة زمنية حددها بعضهم ما بين ١٨٩٠ الى منتصف القرن العشرين
ـ حيث ظهر كثير من التيارات والمذاهب والاتجاهات التي أقامت قطيعة مع التراث والتقاليد الواقعية القديمة من مثل الرمزية والسريالية والبروتاسية والمستقبلية والدادائية
ـ. ولكن الحداثة اعقبتها حركات ما بعد الحداثة واتجاهات متوالدة متناسلة
كان لابد من الوقوف أمام الحداثة التاريخية لتأمل الخصائص القارة في الفكر والثقافة والأدب وفقا لمعايير يتواضع عليها اصحاب الشأن وهم ليسوا بالضرورة متفقين على كل شيء
بل ليس هم دائما جماعة منسجمة في المنطق والاتجاه
ولمعايير قارة بالقوة في العقول والتصورات نجد تجلياتها العقلية الواقعية في النتاج الفكري والثقافي والابداعي فلم يكن بد اذا من حداثة الثانية عابرة للزمن
ــ لم يجد النقاد غضاضة مثلا في الجمع بين ـ ابي تمام الشاعر العباسي وأي شاعر عربي او غربي معاصر؟
ـ ـ ولو تأملنا حركة الابداع في العصر الحديث لوجدنا أن الأدباء والشعراء يجنحون الى ان يميزوا أنفسهم من أسلافهم
ــ فالشعراء في حركة الاحياء وهي التي مدت بصرها باتجاه الشعراء الاسلاف أحسو بعدم الارتياح ؟ وذلك لمحاكات النمط الشعري الذي غلب على الاسلاف
وإن كان التراث الشعري متعدد الاتجاهات الفنية والمضمونية
حتى شكا شاعر من مثل حافظ ابراهيم من عدم الالتفات الى الاتجاهات الشعرية الغريبة ومن سيطرة التراث لغة ومضمونا حين قالَ..

ــ ملأنا طباق الأرض وجدا ولوعة
بهند ودعد والرباب وبوزع

ــ وملت بنات الشعر منا مواقفا
بسقط اللوى والرقمتين ولعلع

ــ واقوامنا في الشرق طال نومهم
وما كان نوم الشعر بالمتوقع

ــ تغيرت الدنيا وقد كان أهلها
يرون متون العيس ألين مضجع

ــ ونحن كما غن الاوائل لم نرل
نغني بأ ر ماح وبيض وأدرع

ــ. عرفنا مدى الشيء القديم
فهل مدى لشيء جديد حاضر النفع ممتع

وفي قوله

ــ آن يا شعر أن نفك قيودا
قيدتنا بها دعاة المحال

ــ فارفعوا هذه الكمائم عنا
ودعونا نشم ريح الشمال.

ومن العجيب أن حافظ ابراهيم وجد من يثور عليه وعلى اتجاهه الشعري وعلى الاحيائيين عامة
بدعوى حافظ ذاتها
وقد ندب المازني والعقاد نفسيهما للإطاحة بأصنام الشعر التقليدي ومنهم حافظ ابراهيم وشوقي على التوالي بحجة عدم مراعاة التطور الحضاري ومزاج العصر
ـ فالذي يتأمل جماعة الديوان العقاد والمازني وعبد الرحمن شكري. يلحظ هذه الثورة العارمة على الاحيائيين من دون ان يتركوا لهم فضيلة واحدة ابدا
ـ وقد عاب بعض النقاد على العقاد ما عابه العقاد نفسه على شوقي
ولعل العقاد وقع في مزالق شعرية كانت أوغل في تقليد الشعراء المتأخرين بدا العقاد محافظا امام ظاهرة الشعر الجديد،
وحارب بكل أسلحته من أجل القضاء على هذه الظاهرة الغريبة على الشعر العربي كما رآها
وان كان العقاد نفسه وعدد من شعراء العربية بقصد او بغير قصد ظهر في شعرهم قصائد شعر التفعيلة من مثل العقاد ومحمود حسن اسماعيل ولويس عوض
وعلي أحمد با كثير
{ ومصطفي وهبي التل (( عرار )) }
ـوإذا كانت ــ نازك الملائكةــ
رائدة من رواد الشعر. الجديد ـ ـ النثر فإنها وقفت بالمرصاد للشعراء الجدد اللذين لم يلتزموا قواعد الآيين الصارمة
فجاء كتابها قضايا الشعر المعاصر يحوي قائمة من القواعد الصارمة ومنظومة من الممنوعات التي تجعل الشاعرة الرائدة الثائرة على شعر الشطرين وصية على كل مفاصل الحركة الجديدة وكأن كل تغيير او تطوير 1يجب ان يمر من خلال رضاها او مباركتها
ـ ومهما يكن فلا أظن ان حركات التجديد ستتوقف
فخرق المرجعيات ظاهرة لافتة في تاريخ الفن لان سطوة العصر لها حضورها الدائم في اللغة والبنية والرؤية والأفكار
فلقد تجاوز الشعراء كل ما قننه النقاد والشعراء في الأجيال السابقة
وراجت قصيدة النثر بين الشعراء الشباب ولم يكتف هؤلاء الشعراء بالدفاع عن قصيدة النثر بل راحوا يكيلون التهم للشعراء المحافظون على إيقاع التفعيلة وعلى النبرة الموسيقية المطردة التي تسيء لجمالية الشعر وعوامله العميقة الساحرة

وإذا كان لكل عصر مزاج لا يخطئه المتأمل فإن الحق في أن الفن لا يلغي بعضه بعضا
الفن يتجاوز و والذوق يتعدد
وكل المدارس والاتجاهات يمكن ان تجد لها انصارا في كل عصر
فلا مناص من الإقرار بالتعددية وفتح النوافذ والابواب امام التجارب المختلفة

ولأنه من المستحيل في نهاية المطاف إعادة انتاج الاتجاهات والمذاهب القديمة بصورها ولغتها وابنيتها وثيماتها استنساخا ومحاكاة فمزاج العصر قادر على التأثير وهو قاهر غلاب والكلام إلى هنا للأستاذ الدكتور إبراهيم السعافين؟.

ـ

_ان جمال الأدب ما يصدر عفو الخاطر ولعل روعة النصوص عند الاديبة أمل مصطفى ما كان كذلك

ـ وماشدني الى هذا الابداع والتميز عند شاعرتنا امل أن الأدب الذي يواكب مسيرة المجد والتطور منبعه الشعور والاحاسيس الصادقة العميقة المعرفة والذي يصدر عنه الاسلوب الرائع واصابة المعنى والقصد بكلمات نابضة بالتوهج والضياء ما يبعث الآمال العريضة
والأديبة الشاعرة أمل تكتب القصة القصيرة والخاطرة والومضة الشعرية وهي عضو في اكثر المنتديات الادبية
منها اتحاد لقاء الشعراء والأدباء والفنانين العرب في الوطن العربي

عضوة بالبيت العربي الثقافي

عضوة في التجمع العربي للأدب والإبداع
عضوة في أكاديمية الفينق
عضوة لدي هيئة السلام العالمي بصفة سفيرة للسلام
وتكتب شعر الهايكو وعضو في شعراء الطبيعة التي نالت استحسان اعضاءه الذين اثنوا على ابداعاتها وقد تناول الكثير من النقاد لموضوعاتها واثنوا عليها
وقد اشتركت في الكثير من الامسيات مع كبار الادباء والشعراء وتقدمت للكثير من المسابقات ونالت الجوائز والتكريم و شهادات التقدير من المحافل الادبية والثقافية فازت في بعض نصوصها بالمرتبة الثالثة في مهرجان القاهرة من بين الدول العربية الكثيرة وكان انجازا كبيرا ان تحصل على المرتبة الثالثة يحسب لها وقد تجاوزت الكثير لتصل القمه وهي علم من اعلام النثر وتنهل من بحر من المعرفة ونبع من الكوثر وربيع دائم تغرد بعذوبة الكوثر وأصالة متجذرة في الوجدان وتختلط الوان الصور عندها حين تستحضر مشاهداتها وتجاربها لتنساب في عاطفة سامية وتحلق مع النسيم تذكي بجمال نفحها العقول وتسكب ما تكتنزه شفاه الندى ويغدو المشهد منوعا تحرق الاوهام وتصيح في خيل الأعنة والصهيل متجاوزة كل زيف في تأملاتها الصادقة في طرح المعقول والممكن وتوقض بنشيدها وهج الاشتعال مراهنة على همم الرجال تعلو برقة النسيم الى الغيوم العابلة بالخير وتحنو هطولا على المراح وميادين السمو والرفعة ومواقع الرجال مستعجلة سطوع المجد وفرحة الانتصار .
..فكل الاحترام للأديبة الشاعرة امل مصطفى ناثرة الدر وكل التقدير

بقلم محمد الحراكي
ابن العابدين
***********************

فوق جدار الحنين
تعتلي خيالاتي
ظلك الساكن بي..
انفاسك
.. همسات شفاهك.
ضحكاتك..
لحنا تخترق مساءاتي
تعبث باحلامي
تداعب الأنا الساكن باعماقي
امتلأت سلالي بالآه
تجتاحني قسوة الاشتياق
تمطرني غيوم الحنين
ملامح محفورة بذاكرة العمر
ألوان تتراقص أمام عينيي
تخترق جدار الحلم
تلغي المسافات
تكتبك حرفا. همسا
ترتل اسمك بكل اللغات

تبا لحنيني اليك
لا يتقن ابجدية العشق
ولا يملك استئذان
يخترق نافذة الروح
في كل وقت
ليسرقني مني
اليك انت فقط
فأنت ملاذي وسكناي
ــ تحدثني قيثارتي
تثير في سكون ليلي بعضا من ضجيج
يسرقني من غفوتي
ويذهب بي إلى شريط العمر الضائع في سكون الحلم
فاكلم ليلي باسراري الموجعة..

تتعثر ذكرياتي ولا تموت
وتحن لالحانها المتناثرة على غبار الايام
نشتاق.. نحن.. يعذبنا الفراق
هم بين الثنايا يرتعون
داخل الجفون يسكنون

كحلم بلا عنوان
يراودني في عتمة روحي
يعانق شواطئ السراب
يتدارى بين غيوم ظلي
يتتبع الخطا
يداهم ومضات النجوم الى اخر الافق

أنثر حروفي الغافية منذ زمن.
غافية بين غيوم وارفة
كظلال ياسمينة
تعبق بعطرها
مع إطلالة الفجر
لتصحو سنبلة العمر
باهزوجة فرح
تسرج للنهار خيولا
تشع الشمس بنورها الآسر
تهفو الروح وتحلق بين الستنالسته تعثر النثر منذ القديم وحتى عصر الدولة العثمانية والى ان حيث انحصر نتاج الادباء والكتاب في الصنعة رح اللفظية التي تعتمد على المحسنات البديعيه والجناس يعني السجع مما نتج عن ضعف الحس مما كان له الاثر على الشعر والنثر مما ادى الى نوع من النضج والازد هار بعد ان ظهرت بعض الرسائل المحررة من السجع و والبديع وا لجناس والطباق سائل حتى ظهرت الرسائل المحررة من البديع والسجع والمحسنات اللفظيه والجناس والطباق امتدت الجسور الثقافيه و والانفتاح على الثقافات الاخرى من خلال البعثات والترجمات والصحف والمجلات
نهض عند ذلك الى ان وصل الى

ولعل اديبتنا امل في مظاهرها التعبيرية الخلاقة بماتحمله من انسانية ووجدانية واجتماعية وقيمه النوعيية والصورة البيانية التى لا يحدها المتنوعه ووالتي تشك جسما وعالما موحداوغالبه ما كان تيعها الخيال في التعبير عن الرغبات والامال ولكنها لم تكن انعكاسا للواقع جدليا بل هي علة فاعلة فيه الحسية وقتنا الحاضر

( تحدثني قيثارتي)
تثير في سكون ليلي بعضا من ضجيج
يسرقني من غفوتي
ويذهب بي إلى شريط العمر الضائع في سكون الحلم
فاكلم ليلي باسراري الموجعة..

تتعثر ذكرياتي ولا تموت
وتحن لالحانها المتناثرة على غبار الايام
نشتاق.. نحن.. يعذبنا الفراق
هم بين الثنايا يرتعون
داخل الجفون يسكنون

كحلم بلا عنوان
يراودني في عتمة روحي
يعانق شواطئ السراب
يتدارى بين غيوم ظلي
يتتبع الخطا
يداهم ومضات النجوم الى اخر الافق

أنثر حروفي الغافية منذ زمن.
غافية بين غيوم وارفة
كظلال ياسمينة
تعبق بعطرها
مع إطلالة الفجر
لتصحو سنبلة العمر
باهزوجة فرح
تسرج للنهار خيولا
تشع الشمس بنورها الآسر
تهفو الروح وتحلق بين السحب

( فوق جدار الحنين)
تعتلي خيالاتي
ظلك الساكن بي..
انفاسك
.. همسات شفاهك.
ضحكاتك..
لحنا تخترق مساءاتي
تعبث باحلامي
تداعب الأنا الساكن باعماقي
امتلأت سلالي بالآه
تجتاحني قسوة الاشتياق
تمطرني غيوم الحنين
ملامح محفورة بذاكرة العمر
ألوان تتراقص أمام عينيي
تخترق جدار الحلم
تلغي المسافات
تكتبك حرفا. همسا
ترتل اسمك بكل اللغات

تبا لحنيني اليك
لا يتقن ابجدية العشق
ولا يملك استئذان
يخترق نافذة الروح
في كل وقت
ليسرقني مني
اليك انت فقط
فأنت ملاذي وسكناي.

( في وحشة ليلي)

يبسط الليل بوجهه
على الحياة
تصمت حروفي
افترش الريح مسكنا
والنجوم ساهرات
شقت ادغال الليل الموحش..

الريح عارية
سحاب ممزق
حروف شتتها الارق
سطور باردة على سطح الورق
ينابيع لا تجف
لهفة ووجد
رذاذ غيث يغسل وجه الورود
أمواج تعانق النوارس..

تخترق سدود المحال
تعبر حدود الرجاء
لا حدود للألم
تتهافت اطباق الظلمة
تطفىء الأحلام والاماني
تتلاشى المسافات
تتوه بين الفصول

ألم فوق الم
يتوارى خلف ضباب
يتكئ على
بحيرة من سراب
فوق خاصرة الزمن
يتلاشى الفرح
حافية القدمين
على جسر من صقيع..

وانت أيها الفجر البعيد
انتظرك بفارغ الشوق
لتسكن مرافيء الروح
ولتنزف غيوم العتمة دمعها

قطرات ندى
ايقظت العصافير الغافية
اسكنت الرياح النائحات
نثرت العطر في الرياح الخريفية
وروت ظلة ياسمينة الفرح
زفرت الياسمينة زفرة
فعبق المكان
فتحت من عمق الروح
أبواب الى بدر التمني
تراقصت نبضات القلب

ايا كل دروب النوى
وألوان الهنا
هذي انا
ذهبت جراحاتي
وغاب المشتكى
ولاح النور في كف النها
ليعزف على قيثارة الحياة
أجمل ألحان الهوى

وهذا نقد لهذين النصين السابقين شرفني الدكتور محمد صالح الشنطي بهذه القراءة النقدية لهما :
النّصّان يقعان في دائرة الخواطر التي تلامس تخوم الشعر و لكن النّص الثاني أقرب إلى الوحدة و التماسك و الانسجام فهي مشاهد وتجلّيات تتناسل بسلاسة وغنائية ،فيها حركة تعبر عن احتدام نفسي ومناجاة داخلية و تنزاح عن المعتاد و المألوف بلغتها المجازية المفعمة ،و وترابطها ونهايتها التي تفضي إلى الكشف عن حقيقة وجودية تضرب في عمق إنساني رهيف.
أما النص الأول فهو وإن كان تعبيرا عن انفعال صادق لكنه عبارة عن جملة من التأملات التي تعنى بالصياغة اللفظية أكثر من الإيحاء بالعمق الوجداني ،و الرؤية المدهشة فلذات لا يشعر القاريء معها بالتواصل ولا توحي بالتنامي والتصاعد كما هي الحال في النص الثاني.
لابد من الخروج من أسر الخواطر والاقتراب أكثر من تحديد الهوية النوعية شعرا يتوفر فيه كما في النص الثاني سمة التنامي و الاتّساق حتى و إن لم يكن موزونا.
يمكن الاقتراب من حدود النّوع الأدبي أكثر قصة أو شعرا أو دراما أو حتى سيرة ذاتية.

(كم تخذلني العبارات)

عندما تختنق المآقي بدمعها
سمائي مُلبدة بالأمنيات
فلا حلم يهطل
ولا غيمة تنزف
لا صباح يسعني
ولا مساء يضمني
تخذلني عباراتي
اقرأ.. اطالع
اتنقل ما بين حقيقة وخيال
طريقي مشرعة على المستحيل
همسي يبوح عطرا

لملمت اشرعتي
تهت في سراب
كثبان رملية مترامية
ارتوت من دموع ثكلى
أزهر الزيزفون
نثر عطره على خريف الذات..

(وفوق جدار الصمت)
تختنق بالاهات حروفي
تتعانق كلماتي بحروف اسمك
ويتوارى الحلم في عيني
يا انت.. ارقني الغياب
تاهت خطوط الضوء في رماد العمر
اورقت ليالي الحزن زهورا سوداء
سافرت عبر الزمن
تسابق الريح
تمتطي الاشتياق
فتتدثر حضن البحر

وعلى أبواب مدينتي
نور وضاء
أشعل عتمة قلبي
عصافير من لهب
أرواح ثائرة
تتنقل عبر السفوح
اختلطت ارواحنا
امتزجت بجنون الليل

( فوق جدار الحنين)
تعتلي خيالاتي
ظلك الساكن بي..
انفاسك
.. همسات شفاهك.
ضحكاتك..
لحنا تخترق مساءاتي
تعبث باحلامي
تداعب الأنا الساكن باعماقي
امتلأت سلالي بالآه
تجتاحني قسوة الاشتياق
تمطرني غيوم الحنين
ملامح محفورة بذاكرة العمر
ألوان تتراقص أمام عينيي
تخترق جدار الحلم
تلغي المسافات
تكتبك حرفا. همسا
ترتل اسمك بكل اللغات

تبا لحنيني اليك
لا يتقن ابجدية العشق
ولا يملك استئذان
يخترق نافذة الروح
في كل وقت
ليسرقني مني
اليك انت فقط

( في وحشة ليلي)

يبسط الليل بوجهه
على الحياة
تصمت حروفي
افترش الريح مسكنا
والنجوم ساهرات
شقت ادغال الليل الموحش..

الريح عارية
سحاب ممزق
حروف شتتها الارق
سطور باردة على سطح الورق
ينابيع لا تجف
لهفة ووجد
رذاذ غيث يغسل وجه الورود
أمواج تعانق النوارس..

تخترق سدود المحال
تعبر حدود الرجاء
لا حدود للألم
تتهافت اطباق الظلمة
تطفىء الأحلام والاماني
تتلاشى المسافات
تتوه بين الفصول

ألم فوق الم
يتوارى خلف ضباب
يتكئ على
بحيرة من سراب
فوق خاصرة الزمن
يتلاشى الفرح
حافية القدمين
على جسر من صقيع..

وانت أيها الفجر البعيد
انتظرك بفارغ الشوق
لتسكن مرافيء الروح
ولتنزف غيوم العتمة دمعها

قطرات ندى
ايقظت العصافير الغافية
اسكنت الرياح النائحات
نثرت العطر في الرياح الخريفية
وروت ظلة ياسمينة الفرح
زفرت الياسمينة زفرة

مرآة حائرة

أمام مرآتي …
وقفت…
تسمرت…
أتأمل طيفك …
عالقاً بين جفوني …
يُخادن ذاكرتي …
يقترب أكثر …
يلتصق بأعماق الروح …

كفراشة تجول …
في فضاءات ضوْء …
تقترب شغفًا …
تتراقص على وقع …
أنشودة عيد …
يحتفل النور …
برقصتها …
تتوق للقاء …
تنتظر زهرة…
لتلثم شفتيها .
***
أيا دروبي البعيدة …
اقتربي …
اقتربي أكثر …
كي أتحسس نوافذ الفجر …
أعزف مواويل المسافات …
فوق ستائر الصمت …

فتتراقص سنابل اللهفة …
فوق غيمة حبلى …
أتقنت صمت الشوق …
على شواطيء جفون الندى .
صمتها يوقظ …
عصافير الشمس …
تلتحف عباءة القداسة …
وبهمس خافت …
يوقظ شمعة الشوق…
من غفوتها …

كطفلة …
تتراقص مع مرآتها …
تناجيها بشغف فطري…
تكبر معها …
تبوح بأسرار أنوثتها …
تهامسها …
عن ذلك الفارس …
الذي يغزو أحلامها …
تتوثب أمامه …
كظبي شارد …
يسحر العيون …
تبهره…
برقصتها الأسطورية …
تسرد له حكايا القمر …
وهي تتغنج …
على وقع أنامل…
تعبث عبر شعاب جدائلها

تتهادى كفراشة …
تلثم عبق سوسنة …
تردد الصوت في المدى..
أنا هنا …
أنا هنا …
خلقت أنثى…
لكل العصور …
لكل الفصول …
يعريني الخريف …
يعمدني الشتاء…
يلفعني الربيع…
ويطهر أنوثتي الصيف…
أنا أنثى…
من طلٍّ …
أمطر على عتبات الفجر …
لأبدد أوجاع الليل .

لقد نال هذا النص اهتمام الدكتور والأديب والتاقد الكبير محمد صالح الشنطي وكانت له هذه الكلمات ناقدا فيها هذا النص السابق ( مرأة حائرة)

قال في نقده:
النص به بوح شجني يستبطن هواجس الذات ويسائلها ويقف بها على عتبة الولوج إلى أقبية الوعي بتكثيف مجازية استعاري يقف على مشارف الرمز ولكنه يظل محاصرا بغنائية وجدانية تحد من الانطلاقة إلى آماد أرحب .
درجة الانزياح إيقاعيا ودلاليا تمنح النص جاذبيته وأدبيته وترتقي به إلى درجة عالية من الشعرية .
إن هذه الدرجة من الشاعرية تقتضي التحول إلى نوع أدبي متميز ولعل الطاقة السردية تشير إلى إمكان اقتحام أسوار القصة القصيرة وربما الرواية فيما بعد .

تراتيل الروح

على وجه المرايا
نثرت همساتي
بحثت عن عنواني
المسافر.
في ذاكرة الوقت
زرعت بتلات الذكرى.
في أديم جرحي
لينبت على نافذة العمر.
مواسم فرح.

وتحلق أجنحة الشوق.
على وجنة الشمس..
على أجنحة الشوق
تطرز بسحرها.
وهج الروح
تخضل.. ربيع الصحاري
تورق غابات القلب.
ربيعا بلله المطر.

وخلخال قافية.
أوغلت في درب الهوى
تروي قصصا وأساطير.
تحكي عن زهور نرجسية
أذاب الحنين أغصانها
أذبل ملامحها.
خريف الشقاء.

وها هي تتهادى
على شاطئ اليم
تترقب ضياء من عناق..
يحيى بتلات عمرها
تأتيك سابحة.
فوق الأمواج.
وبين كفيها
عناق أزلي الفناء.
تبوح بهمسها
لحوريات الياسمين.
ونسيم الهوى.
غلب الفؤاد
وأعادها لأول الحكاية…
Amal

تعثر النثر منذ القديم وحتى عصر الدولة العثمانية حيث انحصر نتاج الادباء والكتاب في وجوب مما نتج عن ضعف الحس فكان له الاثر على الشعر والنثر معا الى أن ظهرت بعض الرسائل المحرر السجع و والبديع والجناس والطباق والسجع والمحسنات اللفظيه والجناس والطباق بعد ان امتدت الجسور الثقافيه والانفتاح على الثقافات الاخرى من خلال البعثات والترجمات والصحف والمجلات عندها نهض النثر

ولعل اديبتنا امل في مظاهرها التعبيرية الخلاقة بماتحمله من انسانية ووجدانية واجتماعية وقيمه النوعية والصورة والحكم البيانية التى لا يحدها التنوع والتي تشكل جسما وعالما موحداو و غالبه ما كان تيها من الخيال في التعبير عن روح الرغبات والامال و ولكنها لم تكن انعكاسا للواقع جدليا بل هي علة فاعلة فيه

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!