الشاعر علي الفاعوري يشق صدر غيمة المساء لينقش اسم محمد صوالحة في قلبها

مساء الخير يا محمد..

أقولُها وأنا أقشّرُ لك تفّاحةَ القلبِ الذي أتعبهُ الشّعرُ وتقاسمتْ كعكتَهُ نساءُ القصيدةْ !

مساءُ العيونِ التي تُحلّقُ حولَ دخانِ سيجارتك المائلِ للبياضِ كياسمينٍ يُرخي ستائرَ عطرهِ على كل المساحاتِ التي يطيرُ إليها حاملاً من سُمرتكِ الشّهيةِ رسائلَ مجهولة..

العيونُ ذاتُها التي كنّا نُرسلُها إلى مرايا عالقةٍ بجدرانِ الوهم لنرانا هناك .. ثمّ ..وعلى حينِ غيمةٍ مفاجئة .. مررتَ بنا فصرنا بعينيكَ وحدكَ نرانا!

مساءُ القلوبِ التي تتحولُ بعدستكَ المرتجفةِ الأوصالِ إلى قُبّراتٍ ترِفُّ فوقَ الكلامْ .. فيعلو اللونُ ليصبحَ سماءً ثامنةً صوتُها أزرقٌ ولونُها حريريٌ يُغوي النحلاتِ كي يرشفنَ منها عسلكَ الغوري النقيّ!

مساءُ الكلامِ المُحلّى بسُكّرِ يديك وهي تلمُّ الليلَ عن طاولاتنا المتعبة .. لتذيبَهُ قصصاً شهيةَ المذاق .. نقْدِرُ معها أن نتذوّقَ هذا العمرَ المُرّ .. وأنتَ ترطّبهُ ببعضِ جنونكَ الذي تدّعي!

مساءُ الصورةِ يا محمد .. وهي تلتقطُنا من غفوةِ الكراسي ونُعاسِ الأرصفةِ وتثاؤبِ المقاهي الخاليةِ إلاّ من ضجرِ قهوةٍ بَرَدتْ وهي تنتظرُ قدومَ الهاربينَ من الهمّ ..

مساءُ (التّكةِ) على زنادِ قلبكَ الصّوفي المُمعنِ في الثلج .. تعيدُ نسخَنا أطفالاً يركُضون خلفَ لُعَبِهمْ التي كَسّرتها رياحُ السنواتِ الطِّوالْ .. وداستْ على أطرافِ أصابِعِها الغضّة عجلاتُ الأيامْ!

مساءُ ابتسامتكَ الغامضةِ كلغزٍ إغريقي .. كأسطورةٍ سومرية .. تلكَ التي تشتري لنا الفرح من دكاكينَ عتيقةٍ لا يعرفُها سواك .. ابتسامتكَ السّمراءُ التي تمسحُ عن كاهلِ الكلامِ غبارَنا .. فيصيرُ كما تشتهي ونُريد .. عصافيرَتنقرُ أبوابَنا في الصّباحِ لنفتحها على صوتِكَ الفيروزي..

مساءٌ أيلولي القسماتْ .. يغازلُ أيّارَ القديمَ الذي أتى بك الينا على حين صيفٍ غوراني الملامح .. لنسعد بك .. ونصعد بكَ نحو مراتع الصبا الأول .. الى حيثُ لم تنس ولن تنسى شغب الصباحاتِ المليئةِ بظلالِ البلوط ووشوشاتِ(حصيني) في أولِ وعيهِ .. ووخزاتِ شوكةٍ

تطاردُ الأقدام التي لَمَحتْ بخبثٍ أنها تخلو من حذاءٍ يحميها!

مساء الصّبا الذي ضاع أو يوشكُ يا محمد .. وأنت تتذكرُ خالياً تلك المشاوير الوعرةَ المعنى .. التي كنت تذرعها ذهاباً من بيتٍ عجوزٍ في ديرعلاّ .. بيتٌ تزيّن بأعواد القُصّيب الأصيل الذي لا “يبوق” بصاحبهِ كما تفعلُ أعمدةِ الرّخام الطلياني الذي نظنُّ أنها تُزيّنُنا ! وبسقفٍ من حنحاتِ أبٍ يمتلئ أماناً ويملأ بهِ الوجوه .. لا بسقفٍ من القرميدِ الذي يضيقُ ذرعاً بنقطةِ ماءٍ تحاولُ أن تستريح من مشوارها الطويلِ فوقه .. فيلفظها دون هوادة!

مساء الشّقاوة وأنت تعودُ الآن لاعناً أمّ السنين .. تعود بالذّاكرة المثقوبةِ الثياب الى “زي” حيثُ كتيبة الهاشمي .. وتتذكرُ معي “الصُفي”السوداء .. والسناسل البليدة التي ياما تسلقتها باحثاً عن صيدٍ ربما لا يكونُ ثميناً في أغلب الأحيان! أو لمرطِ شجرة دومٍ بائسة أكل الزمان عليها وشبع!

مساءُ الجنون الذي صنع منكَ كاتباً ما زلتُ أنصحهُ بأن يبتعد عن هذا الهمِّ وأن يبقى مدخناً شرهاً ليستريح أكثر!

مساءُ المحبّةِ التي جمعتْ لكَ هذه القلوب على عينِ حبٍ واحدة ونبضٍ واحدٍ وعبارةٍ واحدةٍ .. كُتبت ْتحتَ تأثيرِ الشّرودتقول :

نحبكَ أيها المجنونْ .. فلا تبتعدْ

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!