لَيْسَ لِي مِنْ تَتَالِي الْخُطَى،
لَيْسَ لِي مِنْ تَتَالِي الْفُصُولِ الَّتِي وَ الَّتِي وَ الَّتِي،
لَيْسَ لِي،
لَيْسَ لِي مِنْ تَرَاقِي الْمَرَاقِي سِوَى عَرَقٍ يَتَعَرَّكُ فِي عَرَكَاتِ الرَّحَى،
لَيْسَ لِي مِنْ تَعَالِي مَعَالِي الْعُلَا،
مِنْ تَدَلِّي دَوَالِي الدَّلَى
غَيْرَ أُرْجُوحَةٍ حَبْلُهَا يَرْتَخِي،
لَيْسَ لِي مِنْ تَمَادِي الْمَدَى
غَيْرَ جُثْمَانِ طِفْلٍ يُحَنِّطُ جُثْمَانَهُ،
كَانَ تَحْتَ سَمَاءِ الْخَرِيفِ هُنَا صَادِحًا،
كَانَ تَحْتَ سَمَاءِ الْخَرِيفِ هُنَا فَارِحًا،
سَارِحًا فِي سَمَاءِ طَرِيقٍ رَفِيقٍ يَصُوغُ خُطَاهُ إِلَى شَاطِئِ الْحُبِّ،
مَنْفَايَ،
سِتُّونَ مَنْفَى،
وَ مَنْفَايَ يَبْتَعِدُ،
لَيْسَ لِي مَا أَقُولُ،
فَقَطْ أَتَدَاعَى إِلَى حَفْلَةٍ
تَحْتَفِي بِالْفَلَا الآفِلِ،
أَتَدَاعَى إِلَى تُرْبَةٍ
تَدَّعِي أَنَّهَا تَتَغَمَّدُ مَا أَسْفَرَ،
تَدَّعِي أَنَّهَا تَتَغَمَّدُ مَا لَمْ أَرَ،
وَ أُؤَبِّنُ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ كَلِمَاتٍ وَ مِنْ وَرَقَاتٍ
تُزَيِّنُ شَيْخُوخَةَ الْأَرْضِ،
أَمْضِي
إِلَى مَا مَضَى،
أُولَدُ الآنَ بَعْدَ الْقِيَامَةِ،
أُولَدُ ثَانِيَةً،
هَلْ أُصَدِّقَ؟
أَمْ هَلْ أُصَدِّقُ مَا يَتَرَقْرَقُ مِنْ أَدْمُعٍ
فِي سَمَاوَاتِ أَمْسِي وَ أَمْسِي وَ يَوْمِي؟
سَأُنْشِئُ
سِتُّونَ فَوْضَى،
وَ فَوْضَايَ تَكْتَمِلُ،
كَانَ لِي بِالصَّدَى رَايَةً تَتَعَالَى،
تَعالَتْ، تَعَالَتْ مَآذِنُ حُبِّي الْقَدِيمِ،
تَعَالَتْ،
تَعَالَتْ،
وَ كُنْتُ هُنَا أَتَحَسَّرُ فِي حَسْرَةِ الْمَاءِ،
كُنْتُ أُشَكِّلُ بِالطِّينِ تِمْثَالَ طِفْلٍ
مَشَى
وَ انْتَشَى،
وَ تَعَثَّرُ فِي مِشْيَةِ الطِّينِ،
ثُمَّ نَأَى وَ انْتَأَى وَ تَبَاعَدَ،
ثُمَّ تَبَاعَدَ،
حَافِيَةَ الضَّوْءِ
تُسْرِي عَرَائِسُ إِنْشَائِهِ،
تَتَدَاعَى إِلَى مَا تَبَقَّى مِنَ الْبَوْحِ،
حَافِيَةَ الرُّوحِ
تَرْقَى إِلَى قَاعِ غُرْبَتِهِ،
وَ تُطِيلُ الْوُقُوفَ أَمَامَ ضَرِيحٍ تَغَمَّدَ وَرْدَ الْمَوَاعِيدِ،
يَنْبَثِقُ الطِّفْلُ مِنْ دَمْعِهِ
طَائِرًا
فِي سَمَاءِ الْخَرِيفِ،
أَرَاهُ يُفَرِّحُ فِي كَنَفِ الْحُزْنِ مِرْآتَهُ،
يَتَضَاءَلُ،
يَعْبُرُ بَوَّابَةَ الْمَوتِ فِي كَنَفِ الْمَوْتِ،
يَحْلُمُ
يَحْلُمُ
يَحْلُمُ كَيْ لَا يَمُوتَ،
وَ يَرْفُلُ،
يَرْفُلُ،
حَتَّى…
يَرِفُّ جَنَاحُ الثَّرَى دُونَ طَيَّارَةٍ أَوْ سَمَاءٍ،
وَ يَنْدَلِعُ الطِّفْلُ مِنْ تُرْبَةٍ
تَتَفَكَّرُ،
يَحْمِلُ جُثْمَانَهُ،
وَ يُوَاصِلُ إِسْرَاءَهُ،
فِي الطَّرِيقِ الْمُبَلِّلِ
يَدْفَعُهُ المَاءُ،
يَشْتَاقُ،
يَنْسَاقُ
خَلْفَ سَمَاءٍ تَغِيبُ،
يَغِيبُ،
يُحَاكِي مَرَاقِي السَّنَا،
يَتَسَاءَلُ،
مَاذَا يُخَبِّئُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ مَطَرٍ
فِي نَظَرَاتِ الْجَوَى؟
يَتَسَاءَلُ
فِي كَنَفِ الصَّمْتِ،
فِي عَتَمَاتِ النَّوَى،
يَتَذَكَّرُ،
سِتُّونَ مَعْنَى،
وَ مَعْنَايَ،
مَعْنَايَ مَازَالَ يَعْتَمِلُ،
تَتَدَاعَى الْحِكَايَاتُ
خَلْفَ الْحِكَايَاتِ
خَلْفَ النِّهَايَاتِ،
لِي شَجَرٌ أَخْضَرٌ
يَحْرُسُ الْأَرْضَ،
رِيحٌ الْخَرِيفِ تَصُوغُ غُبَارَ الفُصُولِ،
تَؤُجُّ،
يَؤُجُّ التَّشَاؤُلُ،
لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَصُوغَ وَصَايَا الْغَرِيبِ عَلَى صَفْحَةِ الرِّيحِ،
لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُبَيِّنَ لِلشَّكِّ
مَا يَتَدَاخَلُ بِالشَّكِّ
فِي تَمْتَمَاتِ الْبَيَانِ،
وَ لَمْ أَسْتطِعْ
أَنْ أَؤُسَّ مَرَاقِي الصُّعُودِ
إِلَى قَاعِ فِكْرَتِهِ
وَ الْجِنَانِ،
وَ لِي شَجَرٌ أَخْضَرٌ
يَتَكَاثَرُ
فِي آخِرِ الْخَطْوِ،
لِي شَجَرٌ أَخْضَرٌ
يَتَكَاثَرُ
فِي آخِرِ الْعُمُرِ،
غَائِبٌ عَنْ صَلَاةِ السَّمَاءِ الْجَدِيدَةِ،
عَنْ فِكْرَةٍ تَلْتَحِي،
أَسْتَحِي،
يَسْتَحِي مِنْ لِحَاهَا الظّلَامُ الفَصِيحْ،
غَائِبٌ عَنْ صَلَاةِ إِلَه يُقَاتِلُ،
عَنْ ثَورَةٍ خَاتَلَتْ أَمْسَهُ،
خَاتَلَتْ لَيْلَهُ وَ الصَّبَاحَ الصَّبِيحْ،
يَرْفَعُ الْوَطَنُ صَوْتَهُ الْخَافِتَ
فِي احْتِفَالِ الرِّيَاحْ
يَتَرَاقَى إِلَى قَاعِ غُرْبَتِهِ،
لاَ أُصَدِّقُ
مَا يَتَوَاتَرُ مِنْ قِصَصٍ
تَتَكَثَّفُ أَطْيَافُهَا،
تَتَمَارَى
إِلَ آخِرِ الشَّجَرِ،
لاَ أُصَدِّقُ
مَا يَتَصَاعَدُ مِنْ مَطَرٍ
يَتَرَاقَى
إِلَى آخِرِ الْمَطَرِ،
سَأُبَرِّدُ شَوْقَ التُّرَابِ
بِأَفْكَارِ أَمْسِي
وَ أَمْسِي
وَ يَوْمِي،
سَأُنْشِئُ فَوْقَ مَعَالِي الْغِيَابِ وَصَايَا غَدِي،
وَأُدَوِّنُ فَوْقَ سَمَاءِ اليَبَابِ دِمَاءَ قَصِيدِي،
لَيْسَ لِي مَا أَقُولُ،
فَقَطْ أَتَتَالَى،
وَ لَمْ يَبْقَ لِي
مِنْ خَيَالٍ
سِوَى زِينَةٍ
تَتَزَيَّنُ
كَيْ تَتَجَمَّلَ،
تَقْطِفُ فِتْنَتَهَا
مِنْ وَصَايَا الْخَرِيفِ الَّذِي و الَّذِي وَ الَّذِي
وَ الَّذِي لاَ يَغِيبْ،
نَلْتَقِي،
أَحْضُنُ الْأَرْضَ،
مَلْقَايَ،
سِتُّونَ مَلْقَى
وَمَلْقَايَ يَحْتَفلُ،
يَتَتَالَى الْخَرِيفُ
وَرَاءَ الْخَرِيفِ
وَرَاءَ الْخَرِيفِ،
وَ كَادَ الْخَرِيفُ