مطر / بقلم: مروان علي الكردي

تمطرُ سماءُ دبي منذ الصباح

تمطرُ بهدوءٍ ورتابه

تمطرُ وكأنها لا تفعلُ شيئاً

سوى إفراغ الغيوم من الماء

تمطرُ حقاً

في هذه المدينة السابقة للزمن

لكنها..

سماءٌ متماسكةٌ التي هنا

ولا تبكي كسماءِ دمشق

ففي دمشق تبكي السماء مطراً

بصوتٍ ورائحةٍ وأثرْ

 

الجو الماطرُ هنا لا يغريني بشيئ

لا بالحب

لا بالجنس

ولا حتى بالشِّعر

اذاً كيف لا أشتاقُ لدمشق

وشوارعها المبللة بالمطرْ

 

أشعرُ بالخوف هنا بين ناطحات السحاب

حيثُ لا باعة متجولين

ولا أرصفةً تزدحمُ بمؤخراتِ العاطلين عن الحياة

هنا حيثُ

لا البشرُ بشرْ

ولا الشجرُ شجرْ

ولا الحجرُ حجرْ

 

إذاً،

على شوارع دمشق أن تُعلن اشتياقها لخطواتي

عليها أن تُطالب بعودتي

على تلك الشوارع القديمة أن تتمزق ألماً لغيابي

عليها أن تشتكي بَعدي من الضجرْ

 

على المسجد الأموي

وحمّام السّوق

ومقهى النوفرة

ومحلات الميدان

على الربوةِ

وبردى

وباب توما

والزبداني

والصالحية

عليهم جميعاً أن يطالبوا بعودتنا

نحن المتعبين من السفرْ

نحن المُتشرذمين في مُدن الله

حيثُ لا مدينةً

-مهما تزيَّنت وتعطَّرت وتغنَّجت-

يمكنها أن تفتن قلب رجلٍ

شرب من ماء مدينةٍ تحمل

فقط أربعة أحرفٍ

وسكّانُها أقمارٌ

كلُّهم بدرْ

 

على دمشقَ أن تفتح لي ذراعيها مجدداً

فأنا ابنها البارُّ

الذي يوماً تسلل منها

مراهقاً

بلحظة طيشٍ وغضب

وإلى اليوم

تتقاذفهُ أمواجُ الغربةِ

ولا تُرسيه على بر.

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!