قصيدة مُبلّلة إلّا وطن / شعر : فاتن عبدالسلام بلان

ثمَّةَ بؤبؤانِ يتلصّصان ..

كـ نهرٍ بعيدٍ تُحدّقُ بي

حذارِ .. حذارِ

سـ يسقطُ رأسي بـ ألفِ سَمَكة

كيف سـ أغرّبلُ

مجدافَ هروبي مِنْ مجدافِ ظلّي

وأنتَ تُشاكسني

بـ نشنشةِ زورقٍ

وثرثرةِ قشّةٍ

وغرغرةِ حصاة ؟

 

 

مَنْ منّا سـ ينزعُ الشَبَكَ أولاً ؟

أنتَ .. تُلاغزُني

بـ قافيةٍ إلّا زُرقة

وشراعٍ بلا وِجْهة

وقُبلةٍ دونَ شِفاه

وأنا .. أستشيطُ شوقًا

فمي رسائلُ غرقى

وكفّايّ ستةُ نوارسٍ

وأربعُ صفصافاتٍ إلا جسر !

 

مَن منّا سـ يتشعّبُ كـ الضوءِ

في موجِ الآخر

ومراياكَ على ذمّةِ التصحّرِ

وملامحي على قيدِ العطش ؟

ومع كُلِّ هذا وذاك

غمّازاتكَ تخطوطبُ

فـ تمغنطُني

وأصابعكَ تتجسّسُني

كـ الرادارات

وأنا أفكُّ أزرارَ كيف

مِنْ عرواتِ لماذا

وكُلَّني أتعرّقُ حيرةً

تحتَ ألفِ فرسخٍ من اللُهاث

 

أتلبَّسُكَ على مصلوةِ التخاطر :

أتتشاقى بـ رشْقةِ نهرٍ

وتَشْرَقُ بـ زَعْنَفةِ “أحبُّكِ”

فـ يتخثّرُ نبضي بـ نشيجٍ مُدْقع ؟

أضعتُني على حافّةِ الغرق

وضفّتاي قاربانِ بـ عشرةِ صيادين

 

أحبُّكَ بـ الجدوى واللاجدوى

و بـ غمْزةٍ مضْفورةٍ

بـ رمشِ الماء

مَن منّا سـ يرتكبُ حماقةَ الرحيل

ونمشُ صوتكَ

يطفحُ بـ الحفيف

والخريفُ مسافاتٌ برّمائية

بين شيطنةِ معابركَ وتهجّدِ ممراتي ؟

 

أحبُّكَ بـ الشعورِ واللاشعور

و بـ شرنقةٍ حُبلى

بـ حقلِ فراشات

مَن منّا سـ يبتكرُ أكفًّا لـ التلويح

وعيناي ساقيتا آهٍ

في هسيسِ المناديل ؟

يا لذروةِ التيهِ اللولبيّة

وأنتَ تقترفُني

بـ وسواسٍ قهريّ

فـ أصْدَأُ في قبضةِ تخاريف

رمَّدتْ ماءَ الشمسِ

بـ ظلالِ الفوانيس !

 

أحبُّكَ حدَّ الإختناقِ والتلاشي

فـ ما زلتَ نهرًا

تُحصّصُني على الإبحار

وتشاطرني برَّ القلق

أحبُّكَ حدَّ التكْميمِ لـ الزفير

فـ ما زلتَ رجْفةً

تستدفئُ في صدري

كـ بلادٍ مزكومةٍ بـ رُهابِ الحرب ..

 

وا أسفاه أتُهمّشُ زُرقتكَ

في حواشٍ ضبابية

وتُعنونُ خرائطَكَ

بـ هجرةٍ إلا زهايمر

وأضلاعي موانئُ لجوءٍ

وكتفاي هواءٌ وخُبز .. ؟

أتجغّرفُ بـ أربعةِ قلوب

أنا الطافحةُ بـ بأبراجِ الحَمَام

المُفْرطةُ في جذورِ الوطن

فـ لماذا تبرُّ شريعةَ الفزَّاعاتِ

وتعقُّ الزيتونَ بـ فؤوسِ السَّفر ؟

 

يثْكلُني جُرْحُ الوداع

صافحني بـ عناق

تشمّسني بـ عناق

تفيّأني بـ عناق

صدّقْ أو لا تُصدّق

النهرُ في غيابكَ

زجاجٌ يُدمي كُلْيتيَّ حدَّ العراء

وأنا جَناحٌ مِنْ سِربٍ

أراوغُ مكيدةَ القفّاصين

وأستذئبُ على لعنةِ الرصاص

 

 

يثْكلُني جُرْحُ الوداع

حدّقْ بي أكثر

لـ أعبرَ إليكَ أكثر

لـ أتقمّصكَ أكثر

صدّقْ أو لا تُصدّق

تعرقلُني المطبّاتُ

لكيلا أُبكَّرَ في العودةِ إليكَ أكثر !

 

ثمَّةَ بؤبؤانِ يتلصّصان

ووجهٌ يفيضُ بالألغام

وجُحُورٌ ملأى بـ الغرباء

وأنا رفرفةٌ أمامَ سارية

وإشارةُ اِستفهامٍ خلفَ شاهدة

يؤلمُني صمتكَ العاري

تجلدُني “أُحبّكِ” الباردة

فـ كيفَ أعوّلُ على شبْرٍ بيننا

والخطوةُ صرخةٌ كسيحة

وأسلاكٌ شائكة

وقصيدةٌ مُبلّلةٌ إلّا وطن ؟

 

***

 

 

 

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!