حقيبةُ السَفَرِ تُحَدِّثُني / بقلم : كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي / العِراقُ _ بَغْدادُ

تذكرتُكِ الليلةَ حينَ مالَ قُرصُ الشمسِ إلى الغروبِ وأَزفَتْ ساعةُ رحيلِها واحتبستْ الأَنفاسُ الحزينةُ في صدرِ العُتْمةِ وبَكَىٰ الشَفَقُ وهوَ يودّعُها وسَحّتْ دموعهُ دماً عبيطاً فلا تَعْجبي إنْ رحلتُ ولا تستغربي إنْ لمْ ألجأ إليكِ فلربّما أكونُ على عَجَلٍ أو أكونُ في غَمْرَةِ هيامي أو في حالةِ اللاوَعي وفي شِدّةِ جنوني ، فلتعلَمِي أنّ رُوحي مستوفِزَةً تَتَنَزّى على عََتَباتِ المواعيدِ المُؤَجّلَةِ والساعاتِ المُنذِرَةِ بالغيابِ أو حتّى الأُفُولِ فَلَكَمْ كنتُ أَجوبُ الليالي أُسامرُ القمرَ أعدُو بينَ النجومِ أفتِّشُ عَنْ ظِلِّ الشمسِ أصرخُ في الأثيرِ ولكنْ لا صَدى لصوتي ولا مرايا تعكسُ صُورتي وأَبْقى أرددُ أُنشودَةَ الخَيباتِ وأتلو ترنيمةَ الخُذْلانِ بِناي الأَنينِ وصوتٍ حزينٍ فلازالتْ سحائِبُ الوعودِ المحتبسةِ لمْ يصدقُها الإِمْطارُ والمواعيدُ الغافيةُ لم تندهّها أجراسُ اللقاءِ ولمْ يُهَدْهد بساطَ سَحَابِ رُوحي العَطْشَى ربيعُ سنونواتِ الرحيلِ فَأَكِرّ راجعاً إليكِ والفرحُ لا يغادرُ شَدَقيكِ وأنتِ تفتحينَ فاكِ وتفكينَ سحابَ طَرَفيكِ بِكُلّ برودٍ بعدَ ما أَخَذتِ بتلابيبي تجرينَها وتخفينَ ضحكةً صفراءََ وابتسامةً نكراءَ والآن قدْ هَدَأَ صَخَبُ ضجيجكِ وسكنَ غبارُ عجيجكِ بعدَ تثاقلكِ إلى الأرضِ والتصاقكِ بها متسمرةً كآلةِ تسجيلٍ أصلُها ثابتٌ وصوتُها يلاحقُني في الزَمَكانِ ويقطعُ عَنِّي الأنفاسَ ويحبسُ الأصواتَ ويئِدُ خَلَجات الشوقِ البلهاءِ ويجهضُ خَطَرات أمنياتنا الخَرْقاء حتّى انتهتْ عندَ آخرِ شهقةٍ دونَ رغبةٍ في الرّجوع .

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!