لَنْ يَفْهَموك / بقلم : كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي /العِراقُ _ بَغْدادُ

أَراكَ وقَدْ كَسّرْتَ مِرآةَ صَبْركَ وبَعْثَرْتَ كُلّ ما حولكَ تَبكي بصَمْتٍ يَحتويكَ الإحْتراقُ تصرخُ والصَدَى لا يأتيكَ إلاَّ بما حُمِّل وأكادُ أسمعُ دَويّ نحيبكَ الصامت وتَلَوِّي قلبِكَ النابضِ وانتفاضاتِ عقلِكَ الصاخبِ فتلسعني تلك الكلماتُ الصامتةُ وتذيبني تلكَ النيرانُ الموقدةُ تحتَ رمادِ الصَمْتِ فَما أصعب أنْ تُرْمَى بينَ أقدامِ مَنْ لا يفهمكَ ولا يعرف نبضَ إحساسِكَ ومساراتِ تفكيركَ ، لا أَحَدَ يفهم صمتكَ الرهيبَ في مواجهةِ الصَدَماتِ ولا ابتسامتكَ العريضةَ أمامَ المواقفِ التي تستدرجكَ للبكاءِ ولا ثباتكَ وصمودكَ وفي داخلكَ بُركانٌ يَغلي ، تباً لذلكَ الظِلّ الذي تبعكَ في النورِ وفارقكَ في الظلامِ ولكن هيّ المسافة الشاسعة بينَ التجربةِ والكلماتِ فَلَنْ يفهموكَ وقَدْ تصحّرتْ منهم العقولُ وجفّتْ ينابيعُ الفِكرِ فلا تكادُ تسمعُ في جماجمهم الخاويّةِ غيرَ صفيرِ الريحِ ولا في رؤوسهم الفارغةِ سوى طنينِ الذُبابِ ولا في عُقولِهم التي عشعشتْ بها العتمةُ غيرَ سكونِ الظَلامِ فَأَرضُهم مُمْحلةٌ ونفوسُهم شحيحةٌ وسماؤهم مغبرةٌ فلا تحسب قعقعةَ رعدِهم ولمعانَ برقِهم كُتَل نورٍ وعناقيدَ ضياءٍ نَعَمْ إنّها لآلئٌ برّاقةٌ شفافةٌ مصقولةٌ لكنّها كوخزِ الإبرِ في مُخَيّلتكَ لتحرمكَ لذةَ النومِ فلا يقرّ لكَ قرار وتتوهم عاصفةً هوجاء تفرغُ حُمُولتَها على رأسِكَ تشعرُ بإيقاعٍ غريبٍ مسربلٍ بوحشةِ روحِكَ في جسدِكَ تجتاحكَ رغبةٌ شديدةٌ في أنْ تلفظَ منكَ دماغَكَ وتمحو ذاكرتكَ ، فَطِبْ نفساً  فمهما فعلتَ فإنّهم لنْ يفهموكَ ولا تذهبْ نفسكَ عليهم حَسَرات وروحكَ زَفَرات وفي قَرارةِ نفسِكَ تشعرُ بقوافيكَ حِمَم بركانٍ تبحثُ عنْ ثقبٍ للخلاصِ فتذهب لتشقّ صفحةَ ماءِ البحرِ تَمحو رسومَ وجهِ القَمَرِ وظِلالَ الكواكبِ والنجومِ ، ومع ذلكَ فإنّهم لمْ ولنْ يفهموكَ .

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!