مهما حدث / بقلم : محمدنبيل

 

 

 

 

مهما حدث، سأمضي

على سكة القطار، سأمشي ماضيا قدما نحو شيء ما سواء عبرت السبيل ام لم أعبر، فإني سأحيى بما يحمل جسدي من كدمات و وخز إبر ٠٠ على جانب الطريق صادفت و صادقت ٠٠حتى تحولت لناي تعبر التجارب من وسط جوفه ٠٠و من جوفه تنطلق الكلمات و الألحان ٠٠ سواء أطربت نغمي أم لا، فإني سأغني للشتاء حلما تائها كطير جريح يصارع الأرق ٠٠ و القلق ٠٠

و إن اشتقت لألوان اللطّيف و زرقة السماء،

فإني سأرسم لنفسي لوحة تكسر رماد الغمامة السوداء ٠٠

لي في ذاتي خير حبيب و خير قرين،

و كذلك أسوأ شيطانٍ لئيم ٠٠

سأعبر إلى الضفة المقابلة، بل و سأخترق حدودها متوجها نحو ما يغيب مبتعدا أكثر و أكثر ٠٠ سأخترق جسدي و ألمس ذلك الغريب الذي يرافقني طوال هاته الرحلة المتعبة تحت شمس صيف حار و سأدون كل لحظة حياة داخل جمجمتي، هذا و دون أن أكتب مسرحية تؤرخ قبلة على الخذ و الجبين ٠٠ أو تحفظ الماضي و الحنين ٠٠

فبداخلي صور من الزجاج ٠٠

و إن حدث و فارقت الحياة و لم أجد أحدا بجانبي، فسأحمل نعشي بيدي ٠٠

و سأكتب في حقي رثاءاً من حبات المطر و رائحة التراب الجميل ٠٠

سأواصل المسير و همسات الرب لي خير دليل ٠٠

ستنطوي المسافة و يتبخر السراب ٠٠

و ستبقى هذه العظام التي لا يكسوها لحماً، و إنما هي صندوق خبايا ٠٠

تحمل بداخلها و حش نائم و أعقاب سجائر و الكثير من النوستالجيا و نوبات الرُّهاب ٠٠

و إن توقفت قدماي على المشي، فسأمضي و أمضي نحو الغياب المشتهى ٠٠

سأمضي

أفتح عيني لكن رموشي ترفض أن تفترق عن بعضها البعض.. لم أرى التحاما كهذا من قبل ..

الظلام يسود كل شيء كقطعة قماش تكتسح كل منطقة من هذه الأرض ..

كيف السبيل للهروب من هذا القفص المرعب، إنه كسجن عدمي يحبس الأنفاس داخله ليجعلها تعانق بعضها البعض هي الأخرى ..

ليس هناك في الأصل قطعة قماش أو رموش ترفض التخلي عن بعضها لينساب النور .. هناك فقط أصفاد و أغلال مُحكمة الإغلاق تجعل الرؤيا حبيسة و أسيرة نفسها ..

إنني أغرق .. قلبي لم يعد يتحمل عناء التجذيف هروبا من هذيان و هلوسات قاتلة .. و عقلي لم يعد يتلذذ بمادية الوجود، إنه في حاجة أن يرتوي بأحاسيس تجعل منه كائنا حيّا و طيرا حرا طليق ..

هذا الجدل أرهق جسدي و بات يمتص منه دمه و يكسر عضامه المثقلة بكل أشكال الفوضى و الألم ..

لذا قررت التوجه لماهو أعمق من القلب و العقل .. إنها الروح .. لمسة الخالق داخل بشريتي الزائفة ..الروح وحدها تجعل مني ما أنا عليه: إنسان بوجدانه و إحساسه و حبه الكبير للعطاء و البحث و الحفر و سبر أغوار الكون و شق الطريق و هدم الحجب و الأسوار العالية .. ببساطة الروح هي وجود الله معي .. الروح حالة من الجود و ليست كيانا قائما بذاته يتواجد بطريقة ما مرئيّة كانت أو لامرئية ..

هنا فقط تنتهي كل الأصوات و ينطلق صمت

هنا فقط تغلق العيون و يعم نور مظلم

هنا فقط يتوقف الزمان للحظة

و يغيب المكان إلى مكان آخر

هكذا هي الحالية الوجدية للروح، هكذا هي حالتي عندما أتخطى تركيبة العقل و القلب و أصل لسرمدية روحانية مطلقة لا تنتهي أبدا .. فأستمر في العيش حتى يملّ الدّهر مني و أنا هائم و ضائع فوق أرضه الشاسع .. حاملا جسدي المهترىء ..

الروح هي حالة البقاء الدائم ..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!