طفلة في العراق / شعر : ماهر نصر

اهداء إلى العراق

طفلة في العراق

كمقاتلٍ قديمٍ يقفُ ،

بدونِ سلاحٍ أو خوذة ،

وبلا ساقٍ ،

تركها في حربٍ،

كشجرةٍ شاهدةٍ عليه .

وبلا رأسٍ سلَّمتُها

ضمنَ عُهْدَتي

لأول طفلةٍ أحبُها في العراق.

أقفُ

على بابِ حفرةٍ للذكريات ،

أطرقُ

لا النهر يردُّ

ولا الأيام تفتحُ .

هنا وجهُ العجوزِ التي تتدفأ

عندما أشعلُ أصابعي،

أو أفتح ُ صدري ركوةً لتفرغَ أيامها .

العجوزُ لم تكن غيرَ أمي .

أمي التي أنجبتْ قبيلتين ،

قبيلةً من وردةِ حزنها ،

وقبيلةً من طيورٍ

تبني أعشاشها في الهواءِ.

أيها الملاك الحارس

لا تحدفني في الجُرْفِ ،

أسفله صخرةٌ

تنتظرُ رأساً نسيتها في الحرب ،

أخشى أن تتشظى كلوح زجاج .

أيها الحارس

خذ حياتي القادمة ،

خذ بهجتي وجنوني،

فقط

اترك بسمة لطفلتي في العراق.

دعني أعلمها

ألا تخاف من حُقنَة العضلِ،

أو من ذكريات فتنتها أمام المرآة،

أو من المناديل التي تودِّعني بها ،

حين تغفو على صدري ،

وأغفو على حلمها ،

ردّ لي  فمي مرة واحدة فقط ،

حتى أترك قبلة فوق الجبين،

وأحملها إلى كتف( الحسين )،

تلهو كمهرة

كلما رَشَحَ حزنها ،

أو جفَّ نهر يفيض من كفها،

دعني لها مرة واحدة

كمقاتلٍ في الحب ،

وماجنٍ في الحروب .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!