انكسار الذات/بقلم:د.عاطف الدرابسة

قلتُ لها :

ما أكثرَ الأورامَ الخبيثةَ في أفكاري

أحاولُ أن أستجمعَ كلَّ قواي المهزومةِ

لأنتزعَ تلك الأورام

فتخذلُني قواي ..

لا بدَّ أن أُعيدَ بناءَ ما تهدَّمَ منِّي

لعلَّني أستعيدُ ذاتي

كم من العواصفِ حاولتُ أن أقفَ في وجهِها

كجبلٍ شامخٍ

لكنَّني خسرتُ كلَّ معاركي

مع تلك العواصفِ

وانكسرتُ ألفَ مرَّة ..

لا أعرفُ أن أخوضَ معاركي دونَ قلبكِ

ودونَ عينيكِ

حين يكونانِ معي لا أنكسرُ

لا أستسلمُ

أنفاسُكِ تُشعِلُ جمري

وتُشعِلُ النَّارَ في جسدي

فأستعيدُ كلَّ قواي

بقُبلةٍ

أو بدمعةٍ

ترسمُ لوحةَ الفرحِ في عينيكِ ..

أضمُّ جرحي بيدي

كما تضمُّ الأمُّ طفلَها الرَّضيعَ

في ليالي الشِّتاء

وأمضي أحملُ جرحي

على أجنحةِ كلماتي

أبحثُ في فراغِ العمرِ

عن إبرةٍ تخيطُ ليَ الجرحَ

وأنا أعلمُ أنِّي كائنٌ من قشٍّ

أو من ورقٍ شفَّافٍ

لا ظلَّ لي ولا لونَ

أعبرُ الحياةَ بلا عيونٍ

أو بصيرة ..

أفتقدُ عينيكِ

أفتقدُ نبضَ قلبكِ

أفتقدُ يديكِ

أفتقدُ صوتَكِ

كأنِّي مثلَ نجمٍ مُطفَأٍ

في سماءٍ سوداء ..

كلُّ المداخلِ إلى ذاتي ضيِّقة

أو متصدِّعة

كجدارٍ

حسبتُه ذات يومٍ صخراً

أو حجراً أسود

صقلَته أنيابُ الزَّمن ..

ها أنا خاسرُ العقلِ

خاسرُ الرُّوحِ

آوي إلى غروبِي الأبديِّ

فارغاً من الأملِ

خالياً من الرجاء

أدورُ مثلَ عجلاتِ العرباتِ القديمةِ

حولَ نفسي

أبحثُ عن أفكارِي

وعن حواسِّي التي سُلِبَت منِّي

في لحظةِ تخلٍّ

أو في لحظةِ كذبٍ عاطفي ..

كلَّما شرعتُ بالتَّحليقِ عالياً

أجدُني في قاعِ وادٍ سحيقٍ

وأشعرُ أن الكونَ تقلَّصَ حولي

وصارَ بحجمِ بعوضةٍ

أو بحجمِ حبَّةِ قمحٍ

في منقارِ عصفور ..

تحاصرُني الأفكارُ المعتمةُ

كأنَّها حشراتٌ زاحفةٌ

كلَّما حاولتُ أن أدافعَ عن نفسي

اتَهَمُ بالخيانةِ العظمى

وكلَّما حاولتُ أن أنشرَ بعضاً من الضُّوء

في خلايا هذا الواقعِ المؤلمِ

سفكوا دمَ الضُّوءِ

وقطَّعوا أوصالَه

بسكِّينٍ مُلوَّثٍ كعقولِهم ..

جفَّ ماءُ بحري

وصارت أنهارِي عطشى

تصرخ كصفيرِ الأنفاسِ

في النَّاي المثقوبِ

تنتظرُ الخلاصَ

كمؤمنٍ أو كأسيرِ حربٍ

خاضَ معاركَ الوهمِ بصدرٍ عارٍ

وسكِّينٍ من أوراقِ الزَّيتون ..

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!