نعم أنا أحبُّكِ  / بقلم : كمال أبو النور

ماذا نفعلُ حينما نرى امرأةً جميلةً؟

نتظاهرُ بأننا عميانُ

وننظر في اتجاهٍ معاكسٍ!

كأننا نلمحُ شبحا!

مع أن قلوبَنا قد فرَّت من أماكنِها،

وتحولَت إلى تِلسكُوبَ يراقِبُ كلصٍّ

حبةَ عرقٍ تتدحرجُ من أسفلِ الرقبةِ

إلى ممرِّ ضيقٍ بين قمرينِ،

أو شامةً أعلى النهدِ

تُقَدَّمُ كقربانٍ لاينتهي من أجلِ

أن يظلَّ البركانُ ثائرًا في قلوبِنا إلى الأبدِ،

حتى وإن صارت الجميلةُ وردةً ذابلةً

يبقى عبيرُها حياةً

حينما يحومُ الموتُ حولَ أرواحِنا.

 

يجبُ علينا أن نجتهدَ كثيرا؛

كي نلمسَ الجمالَ في شجرةٍ باليةٍ

في سفينةٍ متهالكةٍ وموجةٍ منكسرةٍ،

في الشتاءِ القارسِ والصيفِ المُحرِقِ،

في جزيرةٍ صَرَعَها الطوفانُ

في قطةٍ شريدةٍ وجائعةٍ،

في عمالِ النظافةِ والفحمِ،

في خُدَّامِ المنازلِ وحُرَّاسِها،

في الصحراءِ الخاويةِ والظلامِ الحالكِ،

في الذئابِ والثعالبِ والبومِ والغربانِ،

في سمرةِ الوجوهِ وسوادِها……

يمكنُنا أن نعثرَ عليه كاملًا

في آخرِ نفقٍ داخلَ أعماقِنا المظلمةِ.

 

نعم أنا أحبُكِ

قد يحبُكِ القمرُ والنجومُ،

والحجرةُ والنافذةُ الكافيه،

والشارعُ والبحرُ والشاطئُ،

والرمالُ والأسفلتُ

قد تحبُكِ المرآةُ لدرجةِ البكاءِ

ثيابُكِ حينما تخلعيها تكتئِبُ كثيرًا،

المكياجُ يصبحُ قبيحًا

في نفس اللحظةِ التي يغادرُ فيها وجهَكِ،

وأنت تُزيلينَ طلاءَ الأظافرِ

يتشكَّلُ على هيئةِ مخالبَ قاتلةٍ

أما أنا فأُحِبُّ صورتَـكِ بهوسٍ دونَ أن أراكِ.

 

لستُ مشغولًا أن تكوني حبيبتي…

مشغولٌ بالريشةِ والألوانِ…

بهذه التفاصيلِ الدقيقةِ في اللوحةِ؛

ولذلك أقتربُ من اللَّهِ كثيرًا

كلما عاودتُ النظرَ إلى صورتِكِ.

 

لاأريدُ قبلةً ولاحضنًا دافئًا

ولا قمصانَ النومِ الشفَّافةِ…..

كلُّ الذي أرجوهُ منكِ

أن تضفري أصابعَكِ في أصابعي،

وتضغطي طويلا لإزالةِ الألمِ

الذي لايفارقُ حتى ظلِّي.

 

 

 

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!