محاولة فاشلة للخروج قتيلا / شعر الشاعر الأردني علي الفاعوري

 

أحاولُ أن لا أكونَ حزيناً
لكي لا يزيد بريقُكِ 
أكثرْ
أحاولُ أن لا أكون جريئاً
لأنّ المسافة بيني وبين عيوني
تطولُ مساءً
فأجلسُ تحت القصيدة أقرأُ وجهكِ
حين يضيءْ
وأشربُ شايَ الكلامِ البريءْ
وأكبُرْ
أحاولُ أن لا أكون شديدَ الوضوحِ
لأنّ الحكايةَ اعظمُ مما أظنُّ
وأخطرْ
وكيف يفكِّرُ مثلي بقتل المساء
وكيف تظنُّ يدايَ بأن السماء
زجاجٌ
إذا لامستهُ أصابعُ شِعري
تكسّرْ !

احاول جمعَ دمي من عيونِ المرايا
ورغمَ انتصافِ الطريق اليّ
أحاول أن لا أتابعَ سيري
فقد صرتُ غيري ..
أراني بهذا الجنون سوايَ
احاول أن لا أشيخَ كأشجار بيتي
لكي لا تريْنَ بعينيكِ صمتي
وكي لا ..
اصيرَ ككل الذين يمرّونَ فوق صراطكِ
كهلا ..
احاول ان لا أكونَ كموتِ العصافيرِ
سهلا
وان لا أكونَ على حائط العشق
ظلا
الا تعرفين حمتكِ السَّماءُ
بأن الخيول برغم المشيبِ
تظلُّ بعين العواصف خيلا ؟

أحاول إقناعَ وقتي القصير
بأن لا يطولْ
وأفشلُ دوماً بكبحِ جماحِ الدقائق
بين يديكِ
فللوقتِ حين تمرّينَ فوق الستائرِ
مثلي فضولْ
أظلُّ وحيداً بقربي
ألمُّ ارتعاشي
وآوي لشِعري .. كماءٍ خجولْ
شربتُ كثيراً من الحبِّ
حين تعلّمتُ كيف أقولُكِ شِعراً
فلا تشتكي من بريدٍ كسولْ
وساعٍ تأخّر عن موعد الذّكريات
فماتْ
قُبيلَ الوصولْ ..
أحاول أن أشتكيكِ لسورِ الحديقةِ
للسائرينَ على غيمِ قمصانِكِ المتعباتِ
لجوريّةٍ أمعَنتْ في الذّبولْ
فأفشلُ في سردِ وجهكِ للعاشقينَ .. ويحتارُ عطرُ القصيدةِ ماذا يقولْ !

أحاولُ رغمَ اقترابِ السماءِ
بأن أستظلَّ ببردِ الحريقْ
لكي لا تلاحظَ عيناكِ أنّي أنوسُ
كقنديلِ بيتٍ عتيقْ
أحاولُ أن لا أكررَ وجهي على راحتيكِ
فقد مرّ خمسون شِعراً علينا
ونحن نكدِّسُ ذات الكلامِ
بذاتِ الطريقْ
نكررُ ما قالت الريحُ للعابرينَ
بأنَّ الشتاءَ سيسرقُ شوقَ المقاعدِ
وهي تودِّعُ للتّوِ أشجارها
وتشربُ نخب المنامِ
لكي تستفيقْ
لقد مرَّ خمسونَ شِعراً علينا
فمنْ ذا سيجمعُ من جانِبِ الطّورِ أسماءَنا العارياتِ
ونحنُ نغطُّ بموتٍ عميقْ
أحاولُ أنْ أسترد فمي من يديكِ
فقد سالَ ليلي كحبر الشّوارعِ
منذ التقينا
أحاول أن لا أمرّ مرورَ الكرامِ
على سلّةِ الوقتِ
كي أستطيعَ اكتشافَ الأحاجي
لماذا .. وكيفَ .. وأينَ
ومن أيقظَ النّار في غرفتينا ؟
تُرانا نُهرّبُ أعمارنا
من شقوقِ العيونِ التي أنصَفتنا ؟
أم أنّ وقتاً هناك على الماءِ أغوى يدينا
فلم نلتفت للزمان المُكدَّسِ فوق الدفاتر
حين تجاوز عن بيتنا
واكتفينا
بعطرٍ عجوزٍ ينامُ وحيداً على راحتينا

أحاول أن أستميحك حُباً
فمثلكِ ينسابُ من دمعةٍ في الغروبْ
ومثلي
كرملِ الأغاني .. يذوب
أحاولُ أن لا أعود اليّ
لكي لا أتوبْ
فلم يبقَ في النّاي .. إلاّ الثقوبْ
لم يبقَ بيني وبين الصّباحِ
سوى قهوةٍ لا تشي بالعُيوبْ
وبردٍ تقمّصَ شكلَ السّرير
وشِعرٍ ضرير
يفسّرُ كيف اكتفيتُ بعينيكِ حين تنازلتُ عني
وكيف التقيتُ بشالِ الحرير
أحاولُ أن لا أعود اليّ
لكي لا أذوبْ ..
فلم يبقَ في النّاي .. الاّ الثقوبْ !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!