أكون أو لا أكون /بقلم :نريمان نزار محمود

رسمت بريشة ملونة أحلاما زاهية بلون الورد، فاح أريج عطرها في الأرض والسماء، حلمت بأن تستأنف دراستها الجامعية في حقل علم النفس أو علم الاجتماع – وفق الدرجة التي ستحصدها في الثانوية – درست واجتهدت وسهرت، كاد النوم يجافي أجفانها، عانت تقلبات مزاج لم تعايشها سابقا، ففي لحظة تكون فرحة تشدو، وأخرى تراها حزينة تذرف سيل دموع لا يتوقف، في يوم تعتريها ثورة غضب عاصفة، ويوم ثان تشعر بها نسيما عليلا يمحو أثر قيظ الشمس.

وضعت نصب عينيها هدفا وسارت نحوه بخطى ثابتة واثقة.

كان يوم نجاحها متألقا مشعا كنجم ساطع، كان خطوتها الأولى لصعود سلم النجاح، ارتفاعا نحو القمة،  لكن شاء القدر أن يتقدم ( عمر)  لخطبتها، هو إنسان خلوق وصالح، بار بوالديه، يحظى بكل مزايا الزوج المناسب.

لأن ( وردة) كانت متشبثة برؤاها، وضعت شرطا لقبول الزواج من عريسها المنتظر، أكدت على اتمام تعليمها الجامعي – وهي المتفوقة الذكية – وافق عمر على ذلك الشرط بملء إرادته، وعدها بأنه سيكون سندا لها في حياتها القادمة.

لكن تلك العهود ذرتها الرياح،  وتحطمت على صخرة الواقع، وشف الغطاء عما يكمن تحته من إزدواجية، فالذي كان بالأمس داعما، أصبح اليوم متكبرا جبارا، يجبرها على تقديم فروض الطاعة والولاء.

كثرت المسؤوليات والأعباء التي أرهقت كاهلها بعد ولادة طفلتها الأولى ( جنى)، تفاقم وتضخم الصراع داخل روحها، هل ستبقى مشتتة مبعثرة؟  رأت شريط حياتها يمر أمام عيونها، كل وقتها كد وتعب، إزهاق روح، تحاول سرقة بعض لحيظات تترك فيها جسدها المنهك المتهالك ينعم ولو بنفحة من راحة وهدوء، أمضت عمرها عاجزة مقعدة، لا تستطيع الجري وراء أحلامها المشروعة، كومة ملابس مهترئة ملقاة في زاوية تمهيداً للتخلص منها، إبرة ضائعة في كومة قش.

لكن ضميرها أبى الإنهزام أمام سطوة الجهل والرجعية، فنهض مواجها، خرج من سجنه مستعيدا حريته السليبة، رافعا راية المجاهدة لتحقيق الذات.

ظل الزوج مصرا على تعسفه وغروره، لم يحاول احتواء واستيعاب احتياجات زوجته النفسية والاجتماعية، فوصللا الى طريق مسدود لا يمكن عبوره، وكانت نهاية قصتهما انفصال وابتعاد…

ومن يسأل عن مصير الطفلة فهي بقيت مع والدتها الطموحة، التي غرست في عمقها النضال من أجل أحلامنا.

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!