الأفعى والعبيط / بقلم : سامح ادور سعدالله

الوحدة تقتل كل شيء جميل و تنادي على إبليس كأنها  تقول أين أنت يا صديق وحدتي و مفرج كربتي  هكذا جلست هذه السيدة تفكر في شيء جديد تخرج به عن المألوف  بعدما ملت الوحدة و الرتابة المتكررة كل يوم بعدما كبر أبنائها, تزوجت ابنتها و سافر الشبان الآخران واحد للعمل بالخارج و الآخر في الدراسة بعيداً بعيد . و الزوج لأزال يكافح و يعمل حتي  بعدما تجاوز الستين . هي كل اليوم كما الأمس كذلك الغد .

و في أجازة سريعة جاءها زوجها ليطمئن عليها و يقضي أموره و حاجات بيته و أخيراً ودعها . معها خادمهم  المجذوب الذي تعتمد عليه في جلب طلبات البيت البسيطة و كان شاب عبيط لا يدرك أبسط الأمور.

أعتادت كل يوم هذه السيدة تبعث في طلب  أدم  و تتسلي معه و تضحك عليه  تفعل به كل شيء كأنه دمية بين يداها  تفعل به  كيفما تشاء و لا يحرك ساكن صامت كالصنم الأبكم  , ذات مرة كان برفقتها بعدما أنتهي من تنظيف البيت و (المندرة) طالبته  أن يصعد عندها  و دخل كالعادة ليغتسل و كانت تحن عليه فتعطيه من حين لآخر ما قدم من ملابس زوجها و ابنها فكل المقاسات تليق بهذا الشيء الغريب الذي لا يعرف له يمين من يسار كأنه رغيف خبزاً  تشوهت كل معالمه و لَم يبقي منه إلا جباراً في القوة و الصلابة و بينما يستبدل ثيابه الرثة بملابس جديدة نظرت السيدة إليه  فوجدت جسد صلب ,يعلن عن قوة ظهرت  بوضوح  مع مرونة السياقان القوية  تولدت داخلها رغبة جامحة قتلت كل الأعتبارات داخلها

و لَم تصدق ما تراه و سال لعاب الرغبة داخلها و أقتربت منه أكثر و كانت  تتحسس جميع أرجاء جسده المتماسك المرن  و أخبرته أنه لابد و أن يستحم , أن رائحته لا تطاق  دفعته إلى دورة المياه و نزعت عنه كل ملابسه  و أنزلته في حوض المياه الكبير ( البنيو) وشرد الذهن , تملكت عليه أمور عجيبة ماذا تفعل طاردتها أفكار غريبة ولَم تعرف ماذا  تفعل ؟

جاءها شبحاً دخل في جسد هذا الفتى  المسكين , نهض الجسد بالشبح أمسك بالسيدة اللعوب ضحك فضحكت له لَم تدري من يحملها, لَم تكن إلا ريشة تطير بين فراغات البيت  و تتأرجح الأضواء , تختلف الوانه حتي صارت كقوس قزح و جاء شبح و شبح و شبح  حتى أمتلاء البيت أشباح و الأشباح أرسلت في طلب جنيات و عفاريت و قوي أخرى جاءت من أبعد مكان  و أُعد الحفل ,ها هي ترقص على أنغام المزمار كألحية التي يشبشب لها الحاوي خارجة من ركوة كانت مدفونة  تحت أشياء عتيقة كانت  مثل نحاس يطن دون جدوي و كل تقاليد قد تشبثت بهاقديماً ألقتها عند ثياب الشبح الراقص سلمت نفسها لنزوات مراهقة متأخرة, جمعت كل أنوثة الماضي البعيد , رسمت صوراً للآفق المختنق العقيم .

دق جرس الباب لَم تنتبه إليه أبداً . كان  صوت الحفل أعلى من كل الأصوات و كان كل زوار الحفل في الهروب ,أسرع من تحطيم الباب ؟! كسر الزوج الباب و أندفع يستطلع الأمر  فلم يراها بحث عنها هنا و هناك  أين هي ؟. صرخ بصوت مدوي  ينادي أين رفيقة الكفاح؟ تعالي أنا هنا  هيهات أن  تسمع لها صوت  بحث في كل مكان و جرى إلى الحمام وجد المجذوب غريق في حوض المياه و الماء أمتزج بدم المجذوب

حاول أخرجه لَم يستطيع هرول يستكمل البحث عن سيدة البيت و ينادى  بأعلى صوت لم يكن هناك من يسمع  أو يشعر بما جرى في حفلة اليوم

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!