الرحلة الأخيرة / بقلم : ريمان هاني

تعاقبت الأيام بحلوها ومرها على سلمى ، لم تتوقف عن. التفكير  ، حين توقفت أحلامها الصغيرة. وأمنياتها   على شواطيء عمرها  اليافع ، كل شيء بدا لها مُختلفاً

بالأمس فقط كانت. قد تقدمت. لوظيفة. جميلة مضيفة طيران على خطوط بلادها ، كانت تتقن اللغة الإنجليزية والفرنسية ، حيث حلم والدتها  لها ان تدرس لغات ، وقد كان ، وقُبلت في هذه الوظيفة. التي طالما حلمت بها لتسافر  بعيدا لبلاد. لا تعرفها .. تحقق الحلم ، وسافرت  مُدناً جميلة كثيرة ،  واختلطت  بالبشر  من كل أنحاء العالم ، سعادتها كانت  تغمرها  كلما هبطت الطائرة  على مدينة جديدة اتسع قلبها لتراها .. الى  ان تعلق قلبها  مع قلب

قائد الطائرة  عماد .. كانت ابتسامتها  المشرقة تجذب الجميع ، وعيناها. السوداوتين  تسرق القلوب في نظراتها الجميلة ،  اكتملت القصة  بتبادل  المشاعر  الرقيقة ،

كانت  تسارع للعودة للوطن ، لتحدث والدتها وصديقتها عن رحلتها ، لكنها كانت تخبيء هذا الاحســاس الذي سكن. في ضلوعها ، تتردد كثيرا في البوح به ،  تخشى ان ذكرت قصتها تكتشف ما بها من أي تناقضات اذا وجِدت ، لذا. كانت تكتفي في السعادة  تحيطها  تغمرها. بدلال ،  تغمض عينيها ، لا احد كامل في هذه الحياة ، كانت جملتها التي ترددها دوما ، ولا تدري هل تقنع نفسها ام تقنع الأخرين.  بها …. ومرت سنتان .. كان قلبها يتعلق اكثر  بقائد الطائرة كابتن. عماد  ، الذي. لم يتوانى عن التعبير لها عن اعجابه بها ومدى حبه ، تقدم لها ، وكانت الموافقة عليه صعبة  في بداية الأمر لكن  اصرارها ، جعل الامور قريبة جدا ..

والدتها. التي تعيش معها  بعد وفاة والدها وشقيقتها في. حادث مروري ،  كانت تخشى  عليها كثيرا. لذا  قررت ان لا تقف امام سعادة ابنتها .. وافقت. على خطوبة ابنتها من قائد الطائرة .. وكان الاحتفال. جميلاً

بحضور أقرباؤهم  ، باركوا. لها هذه  السعادة …

لازمتها الفرحة كثيرا ، كانت تحضن والدتها كثيرا ، تعدها. بأنها لن تتركها وحدها ، ستكون. دوما في حياتها النور الذي يضيء بصيرتها وقلبها ، والدتها كانت سعيدة بها

وتمنت من الله. ان تكتمل الفرحة وترى أحفادها ….

مرت. الايام. والاستعدادات كثيرة. لهذا الفرح ، كانت. مشغولة. في إعداد فستان فرحها وترتيبات. الزواج ، توقفت عن العمل ،  كانت بانتظار عريسها. بعد كل رحلة ،  لتسمع منه. عن  رحلاته. الطويلة

والمتعبة ، وتحدثه عن. انجازاتها في الاستعداد للفرح ..  الذي اقترب كثيرا ،

لم يتبقى. الا أسبوعا واحدا ، وهي لا تزال تلاحق  الاستعدادات. الجميلة .. اتصل عليها  عماد ، أخبرها. بأنه سيأخذ مكان. زميله رحلته للصين ، زميله  المريض الذي سيجري عملية خطيرة    ،  وبذلك. سيحضر. قبل الفرح. بيوم ، وستكون هي قد اعدت تجهيزاته الخاصة  وكل الامور المتبقية ،  انشغلت سلمى بنفسها ، لكن قلبها  بدأ بنبض غريب ، يتسارع حيناً ، ويتباطيء حيناً ، تراودها. الافكار المزعجة كَثيراً،. لكنها كانت تدفع بها من نافذه  التفاؤل  ولا تعيرها. اهتماما ..

واقترب موعد الزفاف ، لم يتبقى له الا ثلاثة أيام  .. كلمها عماد مشتاقاً ، يسألها عن كل الامور ،  ثم ودعها مشتاقا  على امل

الحضور دون تأخير ،. فهو قادم  على متن الرحلة. التي يقودها من الصين …..

ولكن في زحمة الامور ، تعرضت طائرته لحادث ، وسقطت  في المحيط ، واذيع الخبر  على نشرات الاخبار ، ووصل الخير لسلمى.  حتى سقطت أرضا من حجم الخبر ، مستحيل ، هذا ما قالته ، وغابت عن الوعي ..  تأكد الخير. ولا ناجيين كن حادث الطائرة ،  حتى قلبها أصيب ، لم تصدق

لم تحتمل ..  من انتظرته  واكتمل الانتظار

ذهب في عمق المحيط رحلة من الصين

أنهت حُلمها .. ونبض قلبها ..

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!