الهدية/ بقلم – خضر الماغوط – دمشق

نحن جيل الوحدويين القوميين الذين كنا نحلم بإزالة الحدود بين العرب، صار حلمنا أن نزيل الحدود بين الحارات والأحياء المعزولة عن بعضها البعض، بسبب وباء الكورونا، حيث صار لكل حي من الأحياء مجلس زعماء غير منتخب، مكون من بائع الخبز وبائع البصل ومعتمد توزيع الغاز المنزلي.
في هذا الواقع الانفصالي، استطعت الحصول على (فيزا) بدون إقامة، لزيارة الشارع الرئيسي في المدينة، حيث يوجد مكتب لشحن البضائع.
طالما كانت جدتي تقول بأنَّ قيمة الهدية تكون من قيمة الذي يهدي، كنتُ أفكر في ذلك وأنا أتقلب في فراشي، لم أستطع النوم بعد أن جاءتني رسالة من مكتب للشحن تعلمني بأنَّه يوجد طرد لي في المكتب.
لم يتضح من أين، ولم أدرِ من هو المرسل.
صرت أفكرُ بأصدقائي ومعارفي من أصحاب الفعاليات الاقتصادية والتجارية، من منتجي زيت الزيتون، والزيتون الأخضر، أو منتجي اللحوم، أو منتجي الخمور، أو أصحاب المداجن والمباقر، أوتجار التتن العربي القشق، أو أصدقائي من منتجي الدبس والعسل والأجبان، والحلويات (تبع) اللوز والجوز والفستق الحلبي، أو من تجار المعلبات الغذائية، حتى صرت أفكر بأصدقائي من تجار العلكة والشيبس.
في الصباح الباكر، قبل أن تنزل الشحاذة وابنتها إلى الشارع، كنت مزروعاً أمام نافذة الطرود في مكتب الشحن.
كان قد سبقني الكثيرون إلى هناك ، وصاروا يستلمون أغراضهم التي هي عبارة عن صناديق وعبوات كبيرة الحجم مليئة بالأرزاق المتنوعة.
جاء دوري في استلام الطرد، وفي لحظة صغيرة قد يتحول الكائن من لحظة الشعور بالسعادة، إلى لحظة الشعور بالسعدنة.
فقد كان الطرد الذي استلمته هو كتاب (الوحدة العربية، مالها، وما عليها).

..

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!