بيان ضد الداروينية / بقلم : عبد النبي حاضر

دخلت الغابة على إثر طفرة داروينية مخبولة‪.‬
بعدما سدر بي انقسام الخلايا المتطورة باطراد أكيد نحو سرطان اسمه اللا إنسان؛
ربما نتجت عن تطور نفسي عشوائي
من فرط عبث الظلام بخويطات النور
وإحراق الطين لنسيغات الماء؛
أو كانت ضرورة عقل أكل عقله ودم استنزف دمه؛
وقد تكون‪ ‬
نزوة جيناتي المتمنعة
التي تحصلتها من أزمنة البرابرة والوندال والبورغواطيين؛
أو رِدة فعل على شهود ارتكاس إنسان ترتد مبالغه إلى منبت العدم،
دون أن تطرف للسماء زغبة واحدة
من جفن كالكفن كالوجوم كالقبر يُصَفِّر في كل أذن؛
مهما يكن،
أدع داروين يركب مكوك الكمبيوتوبيا‪[1]‬باتجاه حظيرة النعجة دولي،
بينما أعكس متجهة السفر
نحو كينونة القرد الأعلى
الذي نجا من مبيدات العقل البشرية،
لا رغبة لي في أن أتحلل تماما من فطرة
القرد الرائي من فوق،
المتراقص مع ذاته مثل عزف منفرد
تعبر فيه الأوتار بتلويناتها والمقامات،
دونما اهتمام بأهمية ما
داخل أوبرا الخراب المنجرد؛
على أربع‪ ‬
هيئتي نصف المنتصبة
أفضل لسلامتي الأخلاقية،
فلا منكب لدي تسكن فيه بندقية قنص،
وخلفيتي ناتئة العري غير صالحة بتاتا
للاستواء على عربة حربية؛
هيئتي هذي التي كم تحلو لي،
تجاوز فلسفي للوقوف الإرادي
الوقوف المتحاذق الموقوف
مثل مئذنة في مرمى الجو- أرض والجو- جو والأرض- جو؛
أجترح السير على الأرض‪ ‬
بين حين و آخر،
رياضة صباحية وحجا مقدسا أتشمم فيه هدهدة أمي البدائية وحنانها اللامادي،
غير أن مكاني الغصن
حيث لا فوق ولا تحت ولا ترتيب يفصل بين كائن وكينونته
بين كون يتكون وتحاب العناصر؛
هنا كينونتي وارفة في عذرية الأوراق،
‏‪ أتعاطى هوايتي الحرة‬
في قراءة الغابة وتأويل هرج ومرج الخنازير والتماسيح تَحطم قبيلة النمل السكران،
لتكن ناصية الشجرة مقصورة
لاقتطاف وتحميض صور بانورامية
للمشهد الكافكاوي ممسوخ التبئير
الذي يُعجز التفكير النسقي كما اللغة القديمة‪. ‬
ليكن جسمي لغتي
بلا حاجة الى تعاليم البرمجة اللَّغْوية العصابية
لغتي خالص بهلوانيات وزفاح نثري يشرذم اللسان
ماقط أحاكي نموذجا أو مثال،
إنما فقط أستهبل؛
ليكن التكشير بلاغة جديدة للإدراك
‏‪ وطقطقة الأسنان رصانة في التواصل وبصبصة ذيل تعبيرا عن الفرح الأولي؛ ‬
وليكن توقيعي القردي
بأظافر جارحة الوحشية
في نهد القصيدة
‏‪-مع قبلة في فمها الميت-‬
مفتاحا مبينا لتأويل اللامعنى
‏‪ ‬

‏‪[1] نحت من أصل كلمتين: كمبيوتر و يوتوبيا‬

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!