رحلةٌ إلى ملعبِ كرة القدم | بقلم : عبد الله غياث قطان

لقد تأهلَ فريقي في كرةِ القدم _والذي يحتضن بداخِلِه أصدقائي_ إلى نهائي بطولة الأحياء الشعبية في مدينتنا، بعدَ مشوارٍ ذي مشقَّةٍ وتعب، إنَّه حلمي بأنْ ألعبَ بهذا النهائي منذ زمن.
سوفَ يحضرُ هذا اللقاء الكثير من الشخصيات المهمَّة المهتمَّة بالشُّبانِ الموهوبين بهذه الرياضة، مما جعلني أقضي معظمَ الليلةِ السابقة للمباراة مفكِّرًا بتحقيق حلمي.
استيقظتُ متأخرًا قليلًا، ارتديتُ ثيابي في عجلةٍ من أمري ووضعتُ حقيبتي على ظهري، أعطتني والدتي كأسًا من الحليب، ارتشفته دفعةً واحدة، ثمَّ انطلقتُ باتجاهِ الملعبِ راكضًا كعربةٍ يقودها أربعةٌ من الأحصنةِ لكي أصلَ في الوقت المناسب عندما أصبحتُ مقابلًا لبابِ الملعب، في الجهةِ الأخرى ألقيتُ السلام على أصدقائي من بعيد، وبينما كنت أقطعَ الشارعَ العامِ مرَّتْ بمحاذاتي سيارةٌ بيضاء اللون تخطيتها بأعجوبةٍ.
أصبحت داخل الملعب، ذهبت لتبديل ملابسي، ثم التحقتُ بأعضاء الفريق، أطلقَ الحكم دوي صفارته معلنًا بداية المباراة، المدرجات الخاصة بالجمهور ممتلئة تنادي على أسمائنا وتشجعنا، فما أجمل شعوري عندما قالوا: نريدُ هدفاً يفرحنا يا عمر.

كانَ لاسمي رنَّةً خاصةً تلكَ اللحظة، شاركتُ أصدقائي بالهجوم والدفاعِ، فأنا أتمركزُ في الخاصرة اليسرى من ملعبِ الخصم، كانَ النصفُ الأول من المباراة متعبًا جدًا، في الدقيقة الأخيرة منه تلقينا هدفًا في شباكنا أشبه بضربةِ خنجرٍ إلى معدةٍ فارغة، عندما دخلنا إلى الملعب في النصف الثاني، بدأنا بالهجومِ لكي نستعيد موازين اللعبة، والكرة تتنقَّلُ مرَّةً هنا وأخرى هناك، بعد ذلك وصلتْ إلي، تقدمتُ مسرعًا، وإذا بسامر ينطلق من خلف المدافعين، فركلتُ إليه الكرة، مرَّتْ بين ثلاثةِ مدافعين كمرورِ دراجةٍ هوائية بين شاحنتين، أحسنَ استقبالها وأودعها بالشباك، تراجعنا بعدها مدافعين بسببِ ردَّةِ الفعل من ذلك الهدف، حينها تألقَ حارسنا بردِّ أكثر من كرة، واحدة من تلك الكرات أرسلها لي، قمتُ بمراوغةِ أول المدافعين، ثمَّ ظهرَ مدافعون آخرون.

نفذتُ إحدى الحركاتِ بدقَّةٍ كأنَّنِي رسامٌ أمامَ لوحته، أصبحتُ مواجهًا لحارسهم فسدَّدتُ الكرة واضعًا بها كُلَّ قوتي، لكي أحقِّقَ الفوز بهذا اليوم المنتظر..
_عمر اصحُ يا بني أرجوك..!
_أمي أبي أينَ أنا..؟
_إنكَ في المستشفى، كنتَ في غيبوبة إثر ذلك الحادث المشؤوم منذ أسبوع، والذي حرمكَ من خوض المباراة النهائية.
_ستشفى يا بني وتعود لتحقيق حلمك
_تلكَ السيارة البيضاء هي السبب، لقد ضربتني، ولم أشعر بعدها بشيء.
_لقد انسحبَ أصدقاؤك من خوض تلك المباراة من أجلكَ.
_ وما الفائدة؟

أنا اليوم أدفعُ ضريبةَ سرعةِ ذلك السائق، صفائح من الحديد في قدمي.

عن سوزان الأجرودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!