آفاق حرة تحاور الدكتورة سوزان اسماعيل



 حاورها : عبد الرقيب طاهر / اليمن 


طبيبة وأديبة جمعت بين المشرط والقلم هذه هي الدكتورة السورية سوزان اسماعيل  التي فرضت نفسها مؤخراً كاتبة للقصة القصيرة وناقدة ومحكمة في كثير من المجموعات الأدبية المشهورة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي بتنا نشهد بصماتها واضحة وجلية في سماء الأدب وخاصة في هذا الجنس الأدبي الجديد (ق ق ج ) .. صدر لها كتابين إلكترونيين هما ( الأوراق المتساقطة) و (زائر الليل) …. رغم زحمة أعمالها بين العيادة والبيت والكتابة الإ إنها قد أستقطعت لنا من وقتها المزدحم بالاعمال ومنحتنا فرصة لمحاورتها والإطلاع عن كثب لتسليط الضوء عن بعض أعمالها على ضفاف جريدتنا آفاق حرة الإلكترونية المهتمة بالإبداع و المنقبة عن المبدعين أينما وجدوا.
** الدكتورة سوزان إسماعيل  طبيبة ماهرة وربة بيت قديرة وأديبة كبيرة …. كل هذه المسؤليات والمهام الملقاة على عاتقك كان مقابلها دائماً النجاح و التميز .. وهذا يجعلني أتسأل كيف أستطاعت الدكتورة أن تجيد فن إدارة الوقت أمام هذه المسؤليات الكبيرة ؟
– قليل من التنظيم يفي بالحاجة، لا أهدر وقتا أبداً . يُعدّ الوقت من الأمور المهمَّة والقيّمة التي تهمُّ جميع النَّاس على إختلاف أماكنهم وأعمالهم وانتماءاتهم ومستوياتهم ووظائفهم ، إذ هو من أثمن ممتلكات الحياة وأعظمها قيمة وضرورة، وهو المُتَّسع والمساحة الزَّمنيَّة التي من خلالها تُقضى الأمور وتُنجز الأعمال وتُدبَّر الاحتياجات واللوازم يعيش النّاس أدواراً حياتيَةً مختلفةً يومياً ومتغيرة بتغيُّر ظروف الزَمان والمكان، ويجب الإنتباه تجاه العوامل التالية: موازنة الأدوار الحياتية تحديد الأهداف ترتيب الأولويات أبدأ نهاري باكراً.. لي طقوس صباحية.. ربما كتابة شيء ما أو متابعة قراءة.. وأتوجه لعملي الطبي الذي أمارسه من خلال مؤسسة حكومية.. دوام محدد.. وأنظم عملي المنزلي بما يتناسب مع الوقت والجهد، وقيامي بالواجبات الاجتماعية الضرورية، وجل وقتي يكون في إنجاز أعمال أدبية .
** القصة القصيرة جداً جنس أدبي فرض نفسه مؤخراً بقوة على المشهد الأدبي فكان له فريق يؤيده ويعتبره تطور جاء من رحم القصة القصيرة. ….. ينما فريق آخر متشدد يراه مجرد دخيل قادم من الثقافة اليابانية والصينية و ليس له مكانة في المجتمع العربي ؟ ماهو رأيك إنت كاكاتبة ومهتمة بهذا الجنس الأدبي الجديد ؟
= القصة القصيرة جدا بدأت بأوائل القرن العشرين، فنرى بدايتها مع كافكا وهمنغواي.. وكتاب الحداثة في اوربا وامريكا.. وهي نسيج أدبي له سماته المتميزة الخاصة به، وليس وليدا للقصة القصيرة، ولقد اختلف العرب في وضع خصائصه وأركانه.. فهو مستحدث .. والكثير لم يفقهوه بعد 
** كاتب القصة القصيرة جداً هل باستطاعته أن يكتب ويجيد كتابة القصة القصيرة أيضاً والرواية ؟
= نعم، وهذا يتبع لخصائصه الذاتية، لكن العكس غير صحيح، فالقصة القصيرة جدا لها نمط كتابي من الصعب تناوله بحرفية.
**بلا شك أن القصة القصيرة جدا تخضع لخصائص ومعايير تجنيسية تمثل أهم مرتكزات هذا الجنس الأدبي ماهي أهم هذه الخصائص والمعايير التي تحكم هذا الجنس الأدبي الجديد ؟
= القصة القصيرة جدا تعتمد على الترميز والخيال والسرد المكثف، والقفلة المباغتة أو المدهشة. وهي بكيانها وفكرها متمردة على المفاهيم الكلاسيكية من الفكر والنمط الشكلاني.
**لكل كاتب طقوسه الخاصة للكتابة كالشعراء وأرباب الرواية انتي كا كاتبه للقصة القصيرة جدا هل لك طقوس معينة للكتابة ؟
= ليس لي طقوس معينة، والفكرة تأتي فجأة من خيال أو أحداث أو إيحاءات محيطة.
** القصةالقصيرة جدا لها عدت أجناس منها الرمزية والرومانسية والسياسية نصوص الدكتورة سوزان اسماعيل ماهي بضبط ؟
= أكتب في كل المواضيع، فهي بالنتيجة خلاصة تجارب إنسانية عامة أو شخصية.
** هذه الجنس الأدبي ضهر في مطلع التسعينات ومن ثم غزى بلاد الشام وتحديداً فلسطين و سوريا وأجتاح بلاد المغرب العربي وخاصة في تونس والمغرب فكان له رموزه ورواده مثلاً من فلسطين فاروق مواسي ومن سوريا زكريا تامر ومن المغرب العربي حسن برطال وسعيد منتسب وغيرهم الكثير. …. من كان الكاتب المؤثر والمُلهم لسوزان إسماعيل؟
– كماذكرت هناك كُتاب تشهد لهم الساحة الأدبية بتمكنهم من هذا الفن، وأقرأ للكثيرين، ببداية توجهي لهذا الفن كان بمساعدة أساتذة كبار لهم تأثير كبير، ومن ثم هناك كتاب كثيرون تعجبني كتاباتهم .. ..
** سيدتي الكريمة ألا تري بأن هذا الجنس الأدبي الجديد شوه بقصد أو بدون قصد شكل الرواية والقصة القصيرة ومنعنا من الإستمتاع بالسرد وما يحمله من تشويق وإثارة فجعل النص مختزل ببعض كلمات. .. أليسا من الظلم المجحف أن نختزل رواية بشخوصها و وأحداثها بسطر أو سطرين …. إلا تراى بأننا ضلمنا أدبنا العربي بتشجيع هذا الجنس الأدبي الدخيل ؟
= لكل نسيج أدبي جماله ومحبيه، والقصة القصيرة جدا كيان بحد ذاتها وهي للنخبة، لها فكرها ومميزاتها الشكلية والفنية، ولقراءتها متعة خاصة، حيث أن العمل الأدبي هنا يشترك به الكاتب والقارئ معا .
** في هذا النص الجميل لك بعنوان ( سراب ) ماهو التصنيف الحقيقي لهذا الجنس الأدبي الجميل ؟ هل نقول عليه قصة قصيرة أم قصة قصيرة جداً ؟
= في ليلةٍ باردةٍ من شتاءٍ قارسٍ، الظلامُ يملأُ المكانَ .فتاة قادمة حبيبات المطر علي وجهها زادها سحرا وكأنها وردة مبللة بالندى، دلفَتْ تحت غطاءِ الموقفِ المخصّصِ للرّكابِ، كأني بانتظارها، خفق قلبي، ناولتها منديل لتجفف وجهها، شكرتني بابتسامة سلبت لبي، لملمت مابقي من جأشي، سألتها عن اسمها..قالت: ـ سعاد، مدرّسةُ لغةٌ عربيةٌ ـ المحامي محمد عبد الله ـ تشرّفنا ـ مرتبطةٌ؟ ـ لا هاهي فتاتي، عندما همَّتْ بالرّحيلِ مسرعةً لتلحقَ الحافلةِ. ـ هلْ لي برقمِ هاتفكِ ناولتُها القلمَ، كتبَتْهُ على راحة يدي. دخلْتُ البيتَ سعيدًا، طيفها لم يبرحني، مسكت الهاتف لأتصل.. لم أرّ رقمًا .
= سراب .. هذه قصة قصيرة وليست (ق ق ج ) أو ممكن أن نقول عنها أقصوصة
**  هل هناك ثمة عمل قادم لدكتورة سوزان اسماعيل؟ +++ أعمالي متوالية تتبع الإلهام، أحضر الآن لطباعة كتاب ورقي عام 2018 ؟. 
= كلمة أخرى تود أن توجهها أديبتنا الرائعة من خلال صحيفتنا المتميزة آفاق حرة الإلكترونية لجميع متابعيك وقرائك .
أتمنى أن يكون عام 2018 عاماً مميزاً على الصعيد الخاص والعام، وأشكر مجلتكم الكريمة على الاهتمام بالأدب والأدباء وأشكرك أنت شخصياً الأستاذ عبدالرقيب طاهر على ما تبذله لخدمة الأدب العربي بكل أشكاله المختلفة ولكل القُراء والمتابعين لهم كل التحايا ويارب تجعل علينا وعليكم هذا العام الجديد عام يعم فيه الخير والبركة لكل شعوبنا العربية ………. أترككم الآن مع بعض من نصوص الأديبة الكبيرة سوزان
1ـ خطيئةٌ حامَتْ حولَهُ، نظرَتْ عبرَ نوافذِ البيتِ الكبيرِ، تركَتْ طينَها يذبلُ.. وامتطَتْ فراشةً. ==============================
2ـ غوايةٌ لوَّحَ بها..قضماها ورمَيا البقايا.. أيقظَهم تحتَ شجرِ التّفاحِ.. حرمَهم العودةَ. =================================
3ـ ميثاقٌ ملأَ قلبَها صوتُ النّكرانِ… مسحَ غبارَهُ.. واستعادَ نبضَهُ. حينَ ارتمَتْ.. كفرَ بالبيوتِ. ================================
4ـ ضياعٌ أنهَتْ وصاياها، وسعَتِ الأسماكُ لرزقِها..تاهَتِ الصّغيرةُ عن أمِّها… دمعَتْ عينُ التّمساحِ لحزنِها..احـتضنَهُما بجوفِهِ. =================================
5ـ تيهٌ تُرِكَ بينَ حجارةٍ، خَضّبوها بدماءِ أهلِهِ… ابتهالُهُ أيقظَ (ابنُ طفيلٍ).. لقَّمَتْهُ عنزةٌ ثديَها. ==================================
6ـأضغاثٌ انحنى ظهرُه وهوَ يضعُ كومةً منَ الحجارةِ، يصعدُ بها درجَ العمارةِ، كانَ يرمقُها منْ بعيدٍ، وهوَ مصمِّمٌ على امتلاكِها، بعدَ جهدٍ وكدٍّ ودرسٍ ارتقى أولادُهُ وامتلكوا المفاتيحَ، لكنْ لمْ يستقمْ عودُهُ إلّا وهوَ محمولٌ على نعشِ مزخرفٍ. ================================
7ـ فتاوى أتفحَّصُ وجوهَهنَّ، تتعالى الدموع مع التكبيرات،… الدّاعيةُ كما تدّعي في مجلسِ عزاءٍ،.. رأيْتُ الثّعبانَ الذهبي الذي يزيّنُ معصمَها وقد دبّت الحياةُ فيه، مدَّ رأسَهُ ولدغَها من لسانِها. ==================================
8 ـ تانغو تشابكَتْ النظراتُ، دعاها للرّقصِ، دارا كطيرينِ على سطحِ ماءٍ، تلاحمَ جسداهُما، ارتفعَ الصّوتُ، حلّقَتِ الأرواحُ، وقبلَ الوصولِ للنشوةِ.. تراءى خيالٌ بينهما.. غضَّ بصرَهُ فانداحا متباعديْنِ كما تنداحُ الدّوائرُ على صفحةِ رقراقٍ. ==================================
9 – سياسيّ يتحسّسُّهُ بتقزّزٍ كلّما نظرَ في المرآةِ، كانَ ينمو عندَ كلِّ صفقةٍ عفنةٍ، انتفخَ، تبعثرَ، تشظّى ذهبَ للحكيمِ شاكيًا، بادرَهُ: مولاي، يناسبُ أنفَكَ فنطيسةُ خنزيرٍ. ================================
10 – إرثٌ لمَّا كانتْ الأمُّ ترضعُهما من ثديٍ واحدٍ، وأحدُهما يتجرَّعُ كلَّ مايستطيعُ من حليبِها، ولايتركْ للآخر إلا النّذرَ، ظلَّ الآخرُ ينتظرُهُ يستحوذَُ على جميعِ التّركاتِ وهو يمتصُّ إصبعَهُ. ==================================
11ـ #فضيلةٌ كانَ يضعُها نصبَ عينيْهِ، مكتوبةٌ بخطٍ مزركشٍ جميلٍ، عندما تضوَّرَ أولادُهُ جوعًا، يدٌ امتدَّتْ لتزيلَها منْ لوحةٍ على جدارٍ كانَ شاهدًا على النَّزاهةِ، وأخرى تتسلَّلُ إلى الجحيمِ . 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!