الرؤية الادبية وعلاقتها بالأرض في الرواية العربية النسائية / الناقدالدكتور محمد ازلماط/المغرب

ان الرؤية الادبية في اشمل مفهومها هي انغماس أدائي ومنهجي لمعرفة ماهية الأدب وما له من قيمة يمكن الإجابة عليها بتفكيك نتاج الأدب سواء كان شعرا او رواية، او انها مادة واقعية يتم اعادة صياغتها في تشكيل جمالي فني أو انها معادل للمكون الموضوعي والمضموني والغائي للأدب في نسق من الشمولية المفهوماتية.
وأن الرؤية الادبية في النصوص الأدبية سيما الرواية قامت لتوجيهها عبر رسالة متمحورة حول محاور ثلاثة متفاعلة ومنصهرة تكمن في الذات والطبيعة والموقف،تتضمن آراء ووجهات النظر متشكلة في لغة سردية بواسطة نظم تجريدية متمثلة في التخييل والحلم والتنبؤ والتأمل والتدبر والفعل الجمالي.
وبناء على هذه النظم وعلى الأجناس الادبية،اضحت الرؤية الادبية أنواعا مختلفة،نظرا لما تكتسبه من جاذبية وإثارة وتجسيد التجربة الإنسانية في بنى وانساق تتناسج لتوليد مكوناتها والعوائق الرابطة في ما بينها.ويمكن تحديد أنواع الرؤى في الرؤية الشعرية والرؤية الرحلية والرؤية المسرحة والرؤية الثقفانية والرؤية السردية.وكل واحدة لها خصوصيتها وتصوراتها التي بصورتها سياقات تاريخية واجتماعية وثقافية ومستويات جمالية وفنية لتشكيل نصا أدبيا ثقافيا.
وانطلاقا من هذه الأنواع سيتم اختيار الرؤية السردية التي تقوم بتصوير عمل روائي ؛ينطلق من أطروحة الأرض في بنية سردية ذات صياغة متميزة الدلالة في التشكيل والعلاقات والإستراتيجيات الهندسية الذهنية والخرائط الشعورية التي التعبير عن كنه أبعاد الرؤية في الرواية.
والرؤية السردية تصور تفاعلي للرواية حيث يتداخل فيها أنماط الحكي وأنماط الشخصيات وأشكال الزمان وتعدد الأمكنة وأنواع الوظائف.والمحور الذي يستاثر بالاهتمام في هذا التصور يكمن في الأرض التي لها على بمستوى المكان الذي (يعتبر عنصرا من العناصر الأساسية للمكون الحضاري،يضاف إلى هذه المعادلة الانسان الذي يخدم الارض،والزمن كفيل بربط صلة الانسان بارضه فهي تمثل هويته ووطنه.)(1)ومن هذا المنطلق فالأرض لها علاقة تفاعلية بالشخصيات في البنية السردية لاعتبارها هويتهم ووعثاء لتخزين تراثهم ومنبع لحدس ثقافتهم،حيث تعتبر النواة الإستراتيجية التي تتمحور حولها المستويات الاخرى المكونة للرؤية السردية وخاصة الموضوعات.
وعلى هذا الاساس،يمكن رصد أئمة الأرض في الكتابة الروائية العربية النسائية من خلال رواية الصبريانا للروائية التونسية فضيلة،وتجربتها مع الخطاب الروائى الذي تطرقت فيه إلى تجسيد انفعالاته وانفجار عواطفها من خلال سياق الأرض الكائنة في العراق الذي تتفاعل تتشابك فيه بنية الأزمنة وأفعال وعوامل الشخصيات حيث تقوم بتصوير صورة مثيرة للقلق لأن (الأرض هي ذاك التعيين المكاني،تكتسب الدلالات والمعاني بما يتجاوز ملامحها المادية،تكتسب بعدا روحيا وفي ما عليا،حتى ان التحقق الإنساني ذاته لا وجود له دون ذلك الحضور الباقي دوما للارض)(2).
فالأرض في النص الروائي مش جو بمرجعيات ثقافية وتاريخية وتخييلية ورمزية والاحتمالية لتسمها الروائية بسمة الواقعية انطلاقا من المجال الجغرافي المتضمن الأمكنة التي تختلف في أعمارنا حسب طبيعة تكوينها حيث هنا الأمكنة التي تشكلت من منظور عسكري وأخرى من منطلقات تجارية او اقتصادية او ثقافية او حضارية.فكل مكان من الأمكنة السالفة الذكر والحضارة في الرواية تكتسب أهمية قصوى من حيث المستوى الجمالي والفني؛ومن حيث كونه يشكل القطب المحوري الذي تتمحور حوله مكونات الرواية وتتحرك في قضائه الشخصيات.وعلى هذا الاساس يمكننا أن ننظر إلى المكان في رواية الصبريانا على اعتباره (شبكة من العلاقات والرؤساء ووجهات النظر التي تتضامن مع بعضها لتأييد الفضاء الروائي،فالمكان يكون منظما بنفس الدقة التي نظمت فيها العناصر الاخرى في الرواية بذلك فهو يؤثر في بعضها،ويقوي من نفوذها)(3)كما تعبر عن مقاصد الروائية عبر تجسيد رؤيتها التي توحي إيحاءات دلالية ونفسية التي تحدد بعد الهوية الانتمائية الذي حرصت عليه الروائية لتجعل المكان مرادف للارض بؤرة لتكثيف الرؤية السردية وإضفاء عليه قيما واوصافا جمالية وفنية حيث منه تتشكل الأحداث والوقائع والأفعال والتوقعات والتجارب وذكريات واحتمالات.
وفي الختام يمكن القول إن الارض مكون من مكونات الرؤية السردية التي لها خصوصياتها في الكتابة النسائية تكشف عن تحليل نفسي اجتماعي لاثر الأرض على الشخصيات وكيف يتم تكيفيها لنفسها في تدافع وصراع وتوافق..فالرؤية السردية النسوية مختلفة عن الرؤية السردية الذكورية لأنها تنطلق من الذات وش بقية الذات في تفاعل مع الأرض.
الهوامش:
1مقولة للمفكرمالك بن نبي مأخوذة من مذكرة لنيل شهادة ماستر سنة2012 بالجزائر :صورة الارض في رواية حلواجي مريم لجبالي انيسة ص18
2 سيد نجم:الرواية العربية والارض،دار نشتري للنشر الإلكتروني تاريخ النشر 10فبراير2005ص1
3 حسن بحراوي:بنية الشكل الروائي،المركز الثقافي العربي بيروت و الدار البيضاء 1990ص32

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!