قراءة في قصيدة  دعوة للرقص للشاعرة التونسية سليمى السرايري

 

بقلم الاديبة والناقدة الفلسطينية :جهاد بدران

دعوة للرقص

سكوني، تحركْ قليلا ..
فإنك أشهَى.. أيا لحظة الأنسِ
يا قطرة الشهدِ ..
يا وجنة ً في صباح بعيدْ
أتى راقصا بانتشاءْ
أيا فجرَ أغنيةٍ شاردةْ
ويا سكّرا في مدى الذكرياتْ

أفِي راحَتيْكَ ليَ المُتَّكَى؟ وَوَرْدَةُ صبرْ
ولي مثلُ عينيكَ غَابَاتُ شوقٍ
لأفهمَ ما شكّلتْهُ المَعَانِي
وما أسرجته خُيُوَلُ التمَنّي
على لهفةٍ بعدَ عشْقْ
وبعضُ تمَاِئمَ هَمْسٍ بقلبِي
تَفِيضُ عَلَيْنَا كشَمْسٍ ومَاءْ
إذا ما إلتقينا كلونين
غرقى، على مَوْجَةٍ ثَائِرَةْ….

هناك بعيدا عن النظراتْ،
رفيفٌ من الشعر فينا
سيطفو عطورَا ..
عناقيدُ حبلى بأغلى الآماني
وشيءٌ من الجنّة الموصدةْ
تعانق فينا المدى وتصلّي
ومنا ستزهر ورداً وعنبرْ
وترسُمُ مجدا وشمسا تغنّي
لنا، حيثُ عدنا إلينا وأكثرْ.

سليمى السرايري

————————————

 

 

 

القراءة :

 

معزوفة عطرية منتقاة من جنات اللغة ..ومن عبير القلب فاحت على دروب الشعر..
قصيدة نسجت من حرير النبض لدعوة رقص على مسامات الروح بين أنامل الحياة وما بها من شوق لمعاني الحب الحقيقي..
كلمات كانت مرآة للروح..تبحث عن ينابيع النقاء لتطهيرها من علق الحياة الراكد..لانطلاقة نحو الحرية في المشاعر..وانتصاراً على الخمول البغيض..
هذه القصيدة فاضت بكل معالم الحس المرهف في تجسيد الروح في قارورة الوجع بما حملته من تعبير فني متقن بين طبقات المشاعر المختلفة ما بين الحب والشوق والخوف والرجاء في تقريب مسافات اللقاء مع من تحب..
الشاعرة هنا ربطت حسها وقواها الروحية بكل ما يتفلت القلب من نبض ومشاعر حية دون التقيد بزمن لتكشف لنا عن خبايا قلبها المفعم بالأسرار وقد اصطحبت معها مصور حسي عالي التقنية وهو قلمها الرشيق ليطربنا بالموسيقى الراقية التي اعتمدت على الألفاظ الإبداعية والوزن والتراكيب الملهمة للخيال للتحليق في عالم نقي طاهر متفرد..
وقد تمكنت من التلاعب في الألفاظ وفق القوى الروحية الملهمة في النفس نحو السمو والرفعة..وفي ترابط وإتقان لتوسيع بؤرة المعنى الإشاري..في حلقة النفس وتضاريسها المتغيرة وفق التبض المتحرك مع نسمات الواقع المضطرب..فقد استعملت الصور البديعة لتدلي ببراعة حرفها مع ما جمعت من العذوبة في البوح والجزالة والسهولة والرصانة مع السلاسة..
فالنص الشعري هذا يفتح المجال لأجنحة الخيال أن يحلق بنا مع فكر خلاق بحس رقيق يندمج بشكل يتساوى مع العاطفة..من خلال تلك الطاقة الإبداعية التي لامست حدود المشاعر وارتفعت معها نسبة الانفعال الغارقة بين حدود القلب من خلال الأفعال المضارعة التي تجعل الأوصاف حدثاً مستمراً لأبعد من حدود النبض ليلامس الوجود حقيقة..فالمشاعر المدفونة تتصادم مع الواقع مما جعلها تحرك منابت البوح لتتلاءم مع قضية الحس الغائر في الأعماق..مما أثارت اللغة الإبداعية بما يتلاءم مع الرؤية الفكرية في نسيج الصور الذهنية البارعة..لكشف مخزون واقعها وما فيه من أبعاد تلامس الوجدان..

أتحفتنا بما حمل حسك المتدفق من نبض حي ومشاعر متحركة بلوحة فنية راقية..نسيجها الدر والحس الصادق..
من خلال لغتك وتعابيرك المؤثرة وما شحنت ألفاظك بالدلالات المعبرة عن وحي الروح والقلب..

.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!