(بكالوريوس تربية يمنية) عمل سردي صادر بطبعته الأولى عن (نادي الأحساء الأدبي) عام 2017م للكاتب والشاعر السعودي الأستاذ/ سعد بن عبد الله الغريبي.

ويطرح الغريبي من خلال عمله هذا (سيرة ذاتية شخصية) غير مكتملة خلال فترة محددة، عاشها من حياته فيما بين عام 1977م وعام 1981م؛ أي مدة تقارب أربع سنوات، قضاها معلما مبتعثا ضمن بعثة تعليمية سعودية إلى جمهورية اليمن الشقيقة في ذلك الوقت، كما هو موضح على الغلاف الأول للعمل ذاته!

وقد تطرق الغريبي خلال عمله هذا للحديث عن المظاهر والأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية السائدة في (اليمن) ذلك الزمان، والعلاقات الرابطة بين المجتمعين: السعودي واليمني، خاصة خلال فترة ما قبل الطفرة الاقتصادية التي شهدتها منطقة الخليج العربي أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات الميلادية.

وقد ألقى الضوء على كثير من ملامح الحياة العامة للشعب اليمني في تلك الحقبة الزمنية، وما تعرض له – أثناء بعثته تلك كمعلم- من مواقف ومشاهدات يومية، كتبها على شكل (مذكرات) مؤرخة ومحددة بالمكان والزمان، كشفت للقارئ عن أبرز مظاهر حياة الشعب اليمني، وعاداته وتقاليده، وعن حضارته قديما وحديثا.

وأعتقد أن الكاتب كان موفقا إلى حد كبير حين اختار لكتابه هذا العنوان المناسب (بكالوريوس تربية يمنية) مراعيا في ذلك (العاملين: المكاني والزماني) في المقام الأول، لكونه يعتبر ما كتبه عن اليمن وشعبه في ذلك الزمان أمرا جديدا بالنسبة إليه، وبالنسبة لغيره من أبناء الشعوب الأخرى، الذين قد لا يعرفون عن اليمن وحضارته وثقافته الشيء الكثير، خاصة في فترة تعد مبكرة من تاريخ الشعوب العربية في العصر الحديث، ومراحل نموها وتطورها، حيث كانت وسائل الإعلام والتثاقف والتواصل المعرفي بين الشعوب ضعيفة جدا، بخلاف ما هي عليه اليوم من تقدم وتطور هائل، وغير مسبوق، إذ لم يعد هناك تقريبا في أيامنا الحالية ما نجهله عن غيرنا، فقد قربت وسائل التواصل الإعلامي والتقني الحديثة بين الناس، وردمت الفجوات الفاصلة بين شعوب عالم اليوم. ولذلك جاء مسمى الكتاب وكأنه يعني إضافة جديدة للكاتب والقارئ أيضا حول ما لم يكن يعرفه عن هذا البلد من قبل!

وهو مستوحى من البيئة التربوية والتعليمية التي هي المهنة الأساسية للكاتب.

وهنا تكمن الأهمية التاريخية والثقافية والعلمية لهذا الكتاب، لكونه يتناول حقبة من تاريخ الشعبين الشقيقين: السعودي واليمني، طالما غيبها عنا الزمن، لتبقى سجلا حافلا ورثته الأجيال السابقة للاحقة، يعكس ما كان عليه هذان الشعبان الشقيقان من علاقات أخوية متبادلة، على كل الأصعدة في الزمان السابق.

وأظن أن الغريبي لو كتب عن (اليمن) حاليا أو عن غيرها من البلدان الأخرى في الوقت الحاضر لما حظي كتابه بأهمية تذكر، نظرا للعامل الزمني الصرف- كما سبق أن قلت- وأهميته القصوى بالنسبة للقارئ الذي يهمه التفريق والمقارنة بين اليمن في فترة السبعينيات قبل أكثر من 40 سنة، وبين اليمن في الوقت الراهن.

وقبيل اختتام حديثي عن هذا الكتاب لا أنسى أن أشيد بجمال لغة الكاتب وروعة أسلوبه في استعراضه لجميع ما تحدث عنه، على شكل مذكرات، لا تخلو من المتعة والفائدة، ويغلب عليها الطابع الأدبي، وتتوافر فيها سمات القص وفنياته!

المصدر : 
 صحيفة الرياض