ملحمة” البركان” أو نهاية لعبة الضّمائر :” الأنا والأنت”.

ملحمة” البركان” أو نهاية لعبة الضّمائر :” الأنا والأنت”.

سمّتها معركة الشوق وأثّثتْ أحداثها ب” النّدم والحسرة والكره… “

كتب فتحي الحمزاوي

الأنا والأنت قصّة طويلة بعمر الكون، تحاكي سرّا قصّة آدم وحوّاء… اتّصال مرّة وانفصال في أغلب مسافة الجسر المؤدي إلى النّهاية. وَلْنَقُلْ إنّ الفراق هو الأصل والقاعدة. أمّا الاتّصال فهو استثناء، ويتجسّم ذلك في اجتماع الضّميرين في شكل ضمير الجمع ” نحن” في مفصل واحد من مفاصل القصيدة، ولا يكون ذلك إلا في شكل ” حلم” يتمّ استرجاعه بكثير من الموت: ” أحلم بنا عندما كنّا ضحايا”، ويتواصل هذا الاتحاد في عدد من الأفعال المنسوبة إلى ضمير ” نحن”: ( نجونا/ابتلعنا/هربنا…). يردُ الحلم في شكل استطراد قصصي دراميّ ينهض على الاسترجاع، استرجاع البداية والتّفاصيل وإيماء بنهاية القصة الوجدانيّة الموؤودة.

كانت الجنّة مؤثثة ب ” فيروز وأغانيها،/ وكاظم وأغنيته: كوني امرأة خطيرة/ وإشارات المرور/والمرأة المتواجدة في الباص/والوالد الذي يلبس قناع الفرح صباحا…. / وأخيرا المنديل المتروك على طاولة الوداع”. كان كل شيئ يوحي بأنّ الطريق ستنتهي إلى منديل الوداع، كل هذه التفاصيل الواقعية المؤثثة للجنة الموهومة كانت رموزا تحمل بذور فناء تجربة الحب القائم على الشوق الخبيث:

– إشارات المرور علامة رمزية على الحذر وضرورة التّوقف، وكان لا بدّ للمسيرة أن تتوقف.

– المرأة الواقفة إلى جانب الأنا في الباص، كانت تحمل كمّا من الحزن يؤكّد اختتام القصّة بالمنديل

ملفوظ أغنية كاظم وصوت فيروز الحزين كلاهما احتفال جنائزي وإعداد لمراسم الدّفن الأخير.

– الأب الذي لم يكن فرحهُ الصّباحيُّ إلّا قناعا.

هكذا كانت عوامل النهاية المأساوية حاضرة مسبقا لتعلن نهاية القصة وفناء الجنّة الموعودة. إنّه ” الحبّ المحتوم بالتّعب”.

الزّمن النفسيّ في القصيدة يقوم على الانكسار والتّشظّي، يحاكي تفاصيل الملحمة المحتدمة والبركان الثائر هناك في غَوْر النفس. تموّجات بين الداخلي والخارجيّ. ارتفاع وهبوط… وحكايا قيلت وأخرى ظلّت دفينة في العمق. القيئ والاشمئزاز من إفرازات البركان الشّعوري تتناثر ثمّ تتدفّق فتحمل معها عناصر بناء خيمة الحبّ. والآن نعود من الحلم ومعنا ضحايا البركان بعد انهيار مرتفعات الحبّ فلا تشبع الرّئتان من شرب الموت، وتتكوّر ” هي” بهيئة جنين ينتظر أحداث الآتي الموجعة. فهل يكون النّوم مهربا وملجئا من جحيم النهاية المأساوية؟ هل يكون ملاذا آمنا لإخفاء تفاصيل القصة ( أغاني فيروز وكاظم والطريق إلى العمل…)؟ أليس النوم فضاء ميتافيزيقيا واهما لا يمثّل سوى موتا آخر…. إنّ البركان سيظلّ ثائرا لا يني يرمي بحِمم الأوجاع.

 

في الصور

أنا ابتسم

اترك لك رسائلي التي لا تقرأها

اعبس في وجه اللانهاية

العالقيين فيها كريشتين

في الليل أعرف الندم

رجلا فحل لا يمل من مضاجعة النوم

لا يشبع من زيارتي

اشرب السجائر بشراسة

لا يشبع صدري ورئتاي من شرب الموت

على مهل

وبكثرة

اتجرع القهوة كمهدئ

روتيني كاذب

 لوحدتي التي لا تنتهي

والحبوب المنومة

بجرعات رهيبة لكي لا اشعر بوخزات الليل

تنهش هشاشة قلبي

 

ولكي لا يملأ العتم

مخدع الحزن الذي اضمحل فيه

انام قبل أن تغيب الشمس

اقلع القميص الأحمر العالقة فيه ذكراك

اقلع معه جلدي

رائحتك التي مسستها دون أن احضنك

واصابعك التي حطت على صدري

دون أن نلتقي

 

قبل النوم

اغسل جسدي من زيارات الشوق الغير مسبوقة

وبعد مغيب الشمس

اصحو بعد اتيانها

لا أريد للأمان أن يشبع

 من زيارتي

ولا يفر

لا أريد أن ارى الموت يحيط الغرفة

ويغرقني

 

اتكور بهيئة جنين

النوم راحتي

وجحيمي

النوم

رحمي الأبدي

 

احلم بنا عندما كنا ضحايا

معا في ركب الموج

فوق هيجان البحر

وغضبه

في غليان قلبه المثقل بالشوق

حينها كنا ضحايا انفجار

كان يسمى الحب

انفجار لا سبب لنا به

وكنا سويا ضحايا

 قدمت نفسها قربان للحياة

لكي ننجو

ونجونا بعد أن ابتلعنا الهجر

هربنا بلا احذية فوق طرقاته

خشية حب محتوم بالتعب

على طريق منثور بزجاج 

الوحدة

والهلاك

 

كلانا وطئنا فم الشوق الخبيث

وهربنا نحو الراحة

الراحة التي استعملها لوجود

بعض الاشياء التي تذكرني بك

فيروز واغانيها

وكاظم الذي يقول “كوني امرأة خطرة “

اشارات المرور التي امر بها وانا في طريق العمل

المرأة التي تركب بجانبي في الباص

بكامل اناقة حزنها

وابي الذي يلبس قناع الفرح صباحا

المذيع الساذج الذي اعد له برنامجه الصباحي بكل نهم

ويروي قصصه الغبية على الملأ تلك التي لا تنتهي

وتحرك القيء الى فمي غضبا واشمئزاز من نفسي ونفسه

المدير الغير وسيم والمحسوبية التي تجعل الأقل حظ الادنى رفعه

 

شفاهي الممتلئه بالحنين في صورة طلتي

التي استعملها لجعلك تشعر بالندم

ولا تفعل

 

أنا هنا

 المنديل المتروك على طاولة الوداع، لا يد تحررني

لا كتف يشرب دمعي،

وتنزفِ أطرافه.

 

الشتاء يدغدغ وجهي

يمر كل الليل

اظنني انتصرت بسلام

فوق صورتك الشخصية

دمعي الوفير

تضحك 

تقهقه على وجعي

فينتفض جسدي

ندم

حسرة

كره

و

شوق

 

أفكر في أن اكتب شيء يعبر عن معركة الشوق التي تشتعل في قلبي لا شيء اوفى من مصطلح

 .. بركان

 شعر: رنيم أبو خضير 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!