الفاعوري: بوابة التجديد الحداثوي

شذرات التلّقي  ((إشارات التواطؤ بين المبدع والمتلقي))

في”أزرق مما أظن”:

للشاعر علي الفاعوري

رؤية: وداد أبوشنب

لطالما تحدّثتُ عن النّص بطريقة حيادية، بأنّه مدونة تستدرج القارئ، فينجذب إليها أحيانا وينفر منها أخرى. والنّص الجيّد يتغلغل في ذرات الرّوح ويصبح جزءا من القارئ. في هذه الدراسة النقدية نسلط الضوء على بعض القصائد مما جاء في مجموعة “أزرق مما أظن”  وفق رؤى مخلتفة لنظرية التلّقي.

أزرقُ ممّا أظن” نعم إنه فعلا أزرق وأعمق مما كنت أظن، ذلك العنوان الأيقونة والغريب من حيث الشكل، والمتناسب تماما مع وحي قصيدة العنوان، ومع الغلاف المرسوم عليه وشاح أزرقُ نيلي يهوي برقة ليثبت زرقته، تلك الزرقة الهادئة الجذابة والمغرية التي تتواطأ مع الحرف الفاعوري فتجذب القارئ من أول وهلة.   ويوقِّع الشّاعر هدوء هذا الغلاف الأزرق بعنوانٍ خطَّه باللون الأحمر، كنبرة جمرة مقصدها الالتفات واستدراج القارئ إلى غموض الزرقة واسترخائها وإلى قوّة الاحمرار فينقاد إلى ما وراء البطاقة الأولى (الغلاف)، إلى الداخل دون مقاومة أو تلكؤ. والجدير بالذّكر أن الشاعر اختار كتابة اسمه على الغلاف باللون الأبيض فوق العنوان مباشرة كمن يقول: أنا هنا القائد فاتبعوا خطواتي، أنا العليم بكل الحروف، وقبل مغادرةِ جزئيةِ اللون، حريّ أن أعرج على مكانين، لمع فيهما اللون الأزرق دلالة على الاستشراف بالأمل وصوت السكينة:

((تعيد بأزرقَ ما تستطيعُ

بياضَ الزمانِ

الذي لم يحنْ.

كأنّك

أوّلُ هذا الغناءِ

وآخرُ ما يستثير الشّجنْ)).

وفي ختام القصيدة يقول في قفلة يبصم بها على وحي السكينة التام القادم من السماء:

((كأنّك

صرتَ بريدَ السَّمَاءِ

وأزرقَ

أزرقَ ممّا أظنْ.

وهو النّص ذاته الذي جعله مرفقا بجزء من لوحة الغلاف الأمامية، جعله في الغلاف الخلفي مع كلِّ البياض في فضاء الصفحة، عنوانا لاستشراف الأمل. (وسآتي إلى الفضاء الأبيض في هندسة النّص لاحقا).

********

لم تكن القصيدة “أزرقُ ممّا أظن” هي الصدارة، بل كانت بين الصفحات، لأنها ليست شرارة البداية، ولأنها أيضا ليست المفصل، إنّما هي كلّ الحكاية، هي خلاصة لمجموعة راقية، وضعها الشاعر في المنتصف. وبعد أن مرّ القارئ عن جزء من القصائد، فأخذ فكرة عن الأسلوب والمواضيع، قرأ “أزرقُ مما أظن” ليتنبأ بالنّصف الثاني من المجموعة على سبيل تجميع أجزاء النّص الفاعوري وتركيبه في “أزرق مما أظن” كقصيدة أساس، كأنما يختبر قارئه ويمرنه على أسلوبٍ تبناه في نصوصه.

ومع أن الشاعر علي الفاعوري أشهر من نار على علم، إلا أنّه أراد أن يبدأ كتابه، بتقديم من الشاعر كامل النّصيرات الذي أوفاه حقّه كاملا إلى الآن، مناشدا النقادَ الالتفاتَ إلى هذه النّصوص الشعرية المميّزة التي انبعثت من رماد الشعر الذي أوشك على الضياع، أو كما قال النّصيرات: ((بعد أن ضاع الشعر على أبواب وسائل التواصل الاجتماعي وامتطاه أعرج الخيال ومشلول اللغة، وفاقد الشيء الذي لن يستطيع أن يعطيَه مهما صفق وتصافق)). جاء هذا التقديم توطئة مناسبة لحرف فارس يعتلي صهوة الحرف حينا ويترجل لتقويم بعض الاعوجاج، بحدِّ سيفه أو نار منامه لكيِّ عيونه ((إذا كان في الكيِّ بعض العلاج)) “احتجاج”.

ويبدأ المجموعة بأمِّ الحياة لكلّ إنسان، في كلمات مقتضبه، لا تفي أي أمّ حقها، ويعلن عجز شعره، عن رثائها. بداية استسلام لنهضة أخرى في القصيدة التالية “صكّ اعتراف” حيث يرمي أوراقه بين يديْ أنثى، ويمضي دواليك بين صعود وخفوت لحفظ وتيرة التلقي.

  • * * *

القصيدة العنوان “أزرقُ مما أظن“: يبدأ الشاعر بالإيحاء والإيهام في القصيدة من بدء استخدام اللون بأسلوب “أفعل التفضيل”! يتلاعب بقواعد الصرف ويتمرّد عليها، إذ إنّ اللّون لا يُصاغُ منه التفضيل على وزن أفعل، فلا نقول أزرقُ من ..، لكن الشاعر صدم القارئ بخاصية “الالتفات” دون إحداث أدنى كسر في اللغة، قصيدة نسيجها عجيب وهندستها أعجب:

كأنك وحدك

من ألف حزنْ

بباب الكلام

تحاول أنْ

كأنّك

والشِّعر تبَّت يداه

بما قد تبقى

تدافع عنْ.

وروي القصيدة نون مقيّدة، تحشر الحزن الإنسانيَّ في بوتقة المشاعر الحقيقية، فيحزن وينتفض محاولا تفسير البكاء بلن. يتمرّد بين سطور القصيدة، فلا سلاح لديه و لا يدا يقدمها غير يد الشِّعر، لا بلسمَ يطبِّب به جراحه وجراح الإنسان غير بلسم الشِّعر، ويعاقر القلق الذي يتسرب إليه في مراحل العمر المتقدّمة مع أنّه  قرير اليدين، ومن كان قرير اليدين فحتما عيناه من قبلُ قريرتان. ويمضي في استدراج القارئ نحو مقصدية يدركها (الشاعر)، بتوظيف أساليب بلاغية أبرزها “الحذف” وفي ذلك قمّة البلاغة ( كأن تخفيَ الفاعل عن المخاطَب وهو معروف لديه، وتبني الفعل للمجهول، أو تحذف الفاعل لتبقيَ المخاطَب في حيرة من أمره يبحث عنه.. كذلك الحف في الكلام، أو الإخفاء في الككلام فـ”تحاول أن” و”تدافع عنْ” كأنّه يقول للمتلقي:أوِّل كما تريد”. وهو أسلوب تجلّى في الخطاب القرآني بكثرة، ويدّل استحضاره هنا على ثراء مرجعية الشاعر اللغوية والأسلوبية والبلاغية. كما يعمل الشاعر على إبراز الخاصية ذاتها وكأنّها هي إيهام بالتضمين، لكنّ المعنى مكتمل في كلّ بيت باستثناء واحد وهو:

(( وكيف لبحركَ

أن يستعيذ

وكلُّ المراكب

أضعف منْ

جنونِكَ

لما شربت البلاد

وأسرفتَ

في خمرك المطمئن)).

التضمين هو عند نهاية البيت ((أضعف من .. وبداية البيت الثاني، جنونِكَ)) ولو شاء لجعل من المجرور مبتدأ ورفعه، لأنه أخضع القصيدة إلى أسلوب الحذف من البداية، لكنّه أراد مفاجأة القارئ بنوع من الالتفات أيضا وبخرق ما قد خرقه سابقا لصناعة دهشة أخرى لدى المتلقي. إنّها “القصيدة الموشور” كما أسمِّيها، أو إنّها “اللوحة الموزاييك” التي تحتوي على أرواح قصائد المجموعة كلّها.

***

في سائر قصائد المجموعة لا يعتمد الشاعر الهيكل العموديَ الكلاسيكي للشعر العربي، فهو لا يقف عند عروض أو ضرب ولا يبني صدرا أو عجزا، إنّما يتبنى هندسة تخرق القاعدة العامّة للشكل الخارجي، فيُسَخِّر المعنى لدعم معمارية قصائده، يتوقف عند الكلمة التي يريد لمتلقيه أن يقف عندها، فيحدث له إشباع بالمقصود، فيتم توجيهه بطريقة ذكية إلى التأويل المراد. مع أنّ القصيدة عمودية بجدارة.

يحاصر الفاعوري قارئه حصارا جميلا فيضعه في أنساقٍ معينةٍ، أوّلها النسق الموسيقي وكنوع من المفارقة، يقترب الفاعوري بالعمودي إلى التفعيلة في الهيكل ويقترب بالموسيقى بالتفعيلة إلى العمودي وذلك بتقريب الرويّ ومَوْسقة القوافي إضافة إلى البحور الشعرية المعتمدة. نحو النغمة الموسيقية التي يخلقها في قصيدة: “فاتحة للكلام المرّ”:

ألقي على يدكَ السّلام

ألقي على عينيكّ فاتحة الكلام

يا أيها الجبل الذي ذبح الخيول

وأضرم الدنيا حرائقْ

من ليس تفهمه المواقفُ

سوف تفهمه البنادقْ!))

وفي موضع آخر:

((يا آخر الكلمات في جوف الحقيقة

هلا بكيت على حكاياتنا العتيقة))

وتتكرر هذه التقنية الفنية في عدّة مواضع من قصيدة التفعيلة التي فقدت جرس القوافي ووحدتَها من قبل. كأنما الشاعر أراد أن يبني للشعر بشقيه (العمودي، والتفعيلة) هيكلا موسيقيا يعيد للقصيدة جرسها الموسيقي، وكأنّما أراد أن يكسر بناء العمودي ليُشبع المعنى حقه، إذن الموسيقى في هذه النّصوص تسير باتجاهين متعاكسين لتقترب من بعضها، وهكذا يخرج القارئ للنص الفاعوري (عموديا وتفعيلة) ممتلئا معنى ولحنا .. وسآتي إلى الإسهاب في المعنى لاحقا.

وبعيدا عن الموسيقى وفي إطار هندسة النّص، حيث يقف الفاعوري عند المعنى المراد، نلاحظ بياض الصفحات الناصع في القصائد العمودية، وفي هذا توجيه حاد للقارئ نحو ما يريده الشاعر، فيخلق بؤرة خطية سوداء وسط بياض مطلق للتركيز في الحرف من أجل توليد المعنى بكل أريحية، كمثل رسّام صوّر تفاحة وسط خلفية بيضاء لا مؤثرات خارجية تحيط بها، كي يحدد عنصر التبئير في عمله، لك أيها المتلقي التفاحة فأوّلها بأحمرِ لونِها واستدارةِ شكلِها وحلوِ المتخيّل فيها، وليس لك في الخلفية التي تحمل عناصر التشويش شأن!! هكذا وجّه الفاعوري قارئه، دون تشويش، بإطار محدّد، لكن بكلّ حرية! تواطؤ فريد!!

***

تحمل المجموعة بين دفتيها تباينا نصيا غنيا، يتضمن وجود نصوص متنوعة تحمل بداخلها رواسب ثقافات عديدة، ورواسب حضارات صيغت بكلمة شاعر، فطفت لتكشف للآخر سلسلة من المداخل التي يمكن الولوج بها إلى عمق النّص، وتأويلُه حسب مستويات عدّة، لكن دون أن يخرج المؤوِّل عن السِّمت الذي حدده النّاص. فنجد الرموز الدينية التي حضرت في قالب فلسفي تدعم الرؤية العميقة للشاعر، وتفرز تنبؤات مستقبليةً أدلت بها الحواس الخفية لدى صاحبها:

((سأصير مثل قصيدة تتلى على الفقراء قبل النوم من دار الإذاعة

سأصير في قومي إشاعة!

لكنّهم في آخر الشوط المرير سيذكرون حصانيَ ال عقروهُ

حين سيخلع السمسار مكتفيا

قناعه!))

هذا النّص التنبئي المغرقُ في الرمزية، وضعه صاحبه بين يدي القارئ ليؤوّله بمستقبِلاته الثقافية الموجودة في موروثه العام، بعد أن أعطاه مفاتيحَ ووجهه بذكره “للحسين” الذي سقط من قبل في النّص الذي سبق، وبعد أن ذكر بؤس الحياة الراكدة في “الجوع الكافر”، والقيد والاستغلال ..

ويعلن الشاعر سموّه وتفرّده بكونه نبيا في نص “النبوءة” ورغم غياب الصوت وخذلان الطريق إلا أنه أنبت الأمل من بذر قلبه حيث ((أينع يابسٌ، واخضرّ موتُ)).

***

وعلى سبيل التواطؤ بين الشاعر ومتلقيه، يتصل حبل المتعة بالدهشة، أو بصدمة التلقي التي تنشأ من خيبة انتظار القارئ -على حدِّ تعبير “ياوس”- عند تلقيه المشهدَ والاصطدام بمعطيات أو بقفلات لم يتوقعها، هذه الصدمات بمثابة كسر الرتابة بشحنه بإشارات جديدة ترسم له المسرى الذي يرسمه له النّاص، وحيلة الشاعر هنا تجلّت في الكتاب كلِّه وأكتفي بذكر موضعين، الأوّل هو نص التماثيل، يقول في منتصفه:

((أُطلُّ من شرفة في الغيم

تسكنني

فما أشاهد إلاّ قومَ سِجِّيلِ.))

فيستحضر القارئ حادثة الفيل الموجودة في موروثنا الديني، والتي حملتها طيور الأبابيل لعقاب أهل الشر. ويسترسل ليصطدم على بُعد صفحتين باسم (الأبابيل) وكانت ذاكرته قد صففته في ملف سابق من تلقي القصيدة فيتجدد المعنى مرة أخرى:

((تبكي السّماء على نسياننا

وجعاً

وتشرب النارَ

من كوبِ الأبابيلِ)).

إذا السّماء بكت فإنّها تهطل ماء ورحمة، وإذا شربت تشرب من كوب أقلّ ما يحتويه ماء!! لكنّ الفاعوري استحضر من صورة قوم السِّجيل التي لم تكتمل في مشهد سابق ووظفها بصورة جميلة مؤلمة تولد الدهشة والانتباه في ذهن متلقيه، وتجعله ينتظر مجدّدا بمنحى آخر قاده إليه الشاعر الذي يجعل  الرمز يتنامى تدريجيا عبر إرساله في شكل جزيئات، ليكتمل في نهاية الصورة الشعرية.

أمّا النّص الثاني فهو نصّ “المغنّي”، ذلك النّص الفلسفي الغني بالإشارات التاريخية والدينية:

((لِشعري

حين أرتشف القوافي

بكأس “المجدلية”

ألفُ جنِّي))

يتأرجح المتلقي عند هذا المفصل: هل يرتشف الشاعر قوافيه بكأس خطيئة المجدلية؟ أم بكأس طهرها؟ أم هو استحضار لحدث تاريخي -ديني تمثل في تلبس الشياطينِ السبعةِ للمجدلية؟ باب فتحه على مصراعيه فتسبب في قلقلة المتلقي وزرع الشك فيه من أجل التأويل المتعدد حسب المعتقد الذي يتبناه.. ومن المجدلية في الفضاء المسيحي إلى الشمس في الفضاء القرآني (الإسلامي):

((أنا شمس

تفتِّش عن ضحاها

وأقمارٌ ستتلوها

لأنِّي

سأبلغ حكمة الأسماء

يوما

وإنْ لم –حين أطلبني-

أجدْني

لقد بلغ الزّبى سيلُ الخطايا

فدعني يا دخانُ

أنا وشأني.))

إحالة إلى ((والشَّمْسِ وضحاها، والقمرِ إذا تلاها)). كما جاء بين سطور أو شطور هذه القصيدة إحالات مبطنة إلى موروثات ثقافية متنوعة نحو ((بعيدا حيث زرقائي/تراني))/زرقاء اليمامة، و((لقد بلغ الزّبى سيلُ الخطايا)) مثل عربي قديم ((بلغ السيل الزّبى))، ومن قبل حيث قال: ((وبِعتُ لتاجر الأحلام/جفني)) والنص السابق لهذه الرؤيا هو نص “تاجر البندقية” لـ”ويليم شكسبير”. وتجدر الإشارة إلى قفلة هذه القصيدة التي تحيل إلى بداية النص، ما بين وهم المرايا إلى إرادة التحرّر من وهم الدخان !!

وهنا نرى كيف يشتغل الفاعوري على الصور المجازية بطريقة متفردة، يعْدِلُ الدالُّ بها عن مفهومه الدلالي فيعمل على عملية توليد كثيفة ومستمرة للنص الذي أنتجه.

إذاً ينطلق الفاعوري من مجموعة سلطات ثقافية وإثنية ودينية وعلمية وعالمية فيصنع نصا تنبئيا استشرافيا يخرجنا من برزخ علقنا فيه وسط هذا الحشو من الأنواع الأدبية اللقيطة التي لم تجد مكانا حقيقيا لها فنبتت بين درر الكلم كثآليل بشعة لن يزيلها غير مبضع الفاعوري -ومن اعتنق نهجه- تشذيبا وتجميلا، فيدخل باب التجديد الحداثوي في أنساق اختلط فيها الحابل بالنابل، لينشئ بينه وبين قارئه أنساقا نقية ثرية تؤسس لمنصة يزهر عليها الشعر الجيّد، ذلك النّص الذي لا ينتهي، بفعل التواطؤ والانسجام معنى ومبنى بين الفاعوري ومتلقيه. فالقصيدة ذاتها تفرز معانيَ متجددة مع كل قراءة جديدة، ألقها لا يخبو بل يتجدد وهجه مع كلّ قراءة، هذا هو النّص الذي لا يموت، هذا هو النّص الذي يصلح لاستقطاب المناهج النقدية كلّها، بنيوية وسردية وسيميائية وتداولية … حكايا ورؤى ونبوءات شاعر .. في قصائد.

وفي جراب الفاعوري الكثير، وفي جرابي -من النقد والتحليل- الأكثر، لكن لنكتفِ الآن بهذه الشذرات، لعلّ لقاء آخر يجمعنا على متن حرف فاعوري مجدّدا.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!