قراءة في ديوان بين أنفاس القصيدة / بقلم : الاستاذ الدكتور محمد بن صالح الشنطي

روح مفعمة بأريج الشعر وقلم سيال يرسم بالكلمات وتلتقط عدسته اروع المشاهد المستكنة في حنايا الضلوع والمتدثرة بدفء المشاعر تتسربل بألحان خفية وتتعطر بشذى الشيح والقيصوم تطل وراء تلال مازالت تختزن في ذاكرتها منذ الاف السنين لوحة الحب والايثار والشجاعة نسمع فيها سنابك خيل القادمين من وراء القرون تصك اسماعنا صليل سيوفهم ونراهم يفتحون قلوبهم وعقولهم لكل وافد الى أرضهم التى حولوها بفعل كرم نفوسهم الى سندس أخضر وجداول رقراقة

هكذا تراءى لي عالم علي العريفي الحالم وانا أقرأ ماخطه قلمه الذي تتبارى كلماته في مضمار نبيل أراه وهو يتأمل في ملكوت الكون يتنسم عبق الاقحوان وشقائق النعمان والخزامى وهو يرسل بصره الى السماء يستجلى عظمة الخالق جل وعلا ويستشرف أشرعة المحبة وهي تمخر عبابا لا تحده حدود ولا تحول بينه وبين خالقه سدود تمتزج فيه الكلمات بما تنطوي عليه من زخم الذكرى ومجد التاريخ بمعالم الكون وظواهره المسكونه بالعظمة المتجلية في كل زاوية وركن – عظمة الخالق جلت قدرته

أما الشعر فله في كلمات العريفي معنى يتسع ليحتضن الحياة بكل مظاهره من كائنات ومكان وزمان ومعان ورؤى فهو يفوح بعطر الجمال ويستجلى بصماته في القلوب والعقول ويمازج روح الكون زهرا ومروجا خضراء يستنبت في القلوب العطشى حبا صافيا رائقا فيضع على شرفاته أكاليل الزهور ويقرأ في عيونه سحر الجمال وجلال السحر وهو اذ يرتحل في العيون النرجسية يحدد مراكب الحنين الى واحات النبض المبدع بكل مايستنبته من مشاعر ورؤى يغفو في حضن الامومه ويستظل بفيض الحنان ويستغرق في نشوة الدفء حيث الرحمة والرضا انه يمتح من نبع لا ينضب ويرتشف من رحيق لا يذوي ويستظل بمظلة لا يتسلل عيرها هجير الشمس ولا قوارس البرد انه حضن الام ذلك المأوى المفعم بالنقاء والطهر والصفاء

 

أما العشق بكل ما ينطوي عليه من معان فانه وان بدا مفتونا بكل ماتقع عليه العين يختزن مذخورا روحيا هائلا انها شفافية الحس وروعة الاحساس به يمتزج بظواهر الكون وقسمات الطبيعة فيه بؤر تضيء فضاء القصيدة وتحتفي بها ويمتزج فيها جمال الانثى بجمال الوطن

(وجدائل النخل —–)

(وعنق الغادة الحسناء مع الزهور—)

يتداخل الفكر مع الشعور في حوار جميل ولكن فكر الكاتب يطغى فهو يتكلم عبر منصة الفكر الذي يطل من عالم الشعور ويتأمل في افاق الماضي والحاضر ويمتزج في شعره الزمان بالمكان حيث

(الليل المفعم بانفاس الصباح)

فالمشاعر تتعانق مع الافكار والزهر مع العيون والوتر مع انفاس الحبيب وفي وعي الكاتب تستقر رؤيته فهو يردد أنفاس الشاعر ولكنه يختزن نبض المفكر ولعل بعض عناوينه ما يشير الى ذلك مباشرة

(عناق فكري) وهو يقول =

(فلماذا تغفلين الفكر وسط صيحات الثياب

غير ان السحر يسري من عبير في كتاب)

حضور العقل بإملاءاته يبدو طاغيا على حضور المشاعر حتى في صياغة العبارات التى تبدو تعبيرا عن عواطف متوهجة فإننا نحس بصوت المفكر ووعي الكاتب فهو يقرن بين الفكر والانوثة وبين الحس والحرف وسحر الشاعرية والحوار ويندر ان تخلو صفحة من ذكر الفكر والعقل جنبا الى جنب مع مفردات الجمال والعواطف

ان الكاتب اذ يستجلى مواطن الجمال وينشر عبقه بين السطور ويعبيء معجمه بالشعر وبمفرداته اليانعة انما يعب من معينه مازجا بين ظواهر الكون والطبيعة وبين عبق الانثى وأطياف الجمال في رقة وسلاسة وسهولة دون ان يكبل نفسه بقيود من الوزن ولكنه يظل قريبا من خفقات القلب ونبض الفؤاد وربما كانت هذه السلاسة من اسرار الجمال الذي تحس به ان للفن قيود ريما تضيق بها المشاعر الصادقة والاحاسيس الثائرة ولكنك في نهاية المطاف أمام جمال القلب الذي تنهزم امامه فلول الحصار وقيود الفن

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!