قراءة نقدية في رواية خلق انسانا /بقلم: علي القيسي

رواية زاخرة بالمعاناة الانسانية والعذاب النفسي والمعنوي والجسدي ، كتبتها الروائية عنان محروس بفنية عالية ولغة جميلة بلاغية وبيانية تعكس رغبة حقيقية عند الكاتبة لتوصيل هذا الدفق الانساني المتشظي الى كل إنسان يملك المشاعر والضمير ليطّلع ويتماهى مع كلمات وجمل وصفحات وفصول المأساة التي تضمنتها الرواية .
الشخوص منهم من هو ظالم ومنهم مظلوم ، صراع يدور في الحياة نتيجة لظروف اجتماعية وسياسية وأخلاقية ، ربما الحروب تفرز مثل هذه الكوارث الاجتماعية ، ربما الفقر والجهل والمرض .
نعم المرض النفسي شائع في المجتمعات المحطمة ، والعقلي الانفصام أيضًا سبب انحراف بوصلة العقل عن مساره الطبيعي حتى يصبح الانسان عدوا وحيوانا مفترسا .
الأسباب كثيرة التي تجعل القلوب قاسية متحجرة لاترحم ولا تلين ، وهذا ماتتحدث عنه الرواية التفكك الأسري ، الحرام الزنا ، أطفال رضع تم العثور عليهم أمام المساجد ودور العبادة وفي الشوارع وفي حاويات القمامة .
مجتمع يعج بالفوضى والاستهتار وغياب الرحمة والضمير …
شخوص الرواية كلهم ضحايا ، الأقدار جمعتهم في تلك الخرابة
المكان هناك ، القاتل والمقتول ،الظالم والمظلوم ، كلهم يعانون وهم لايدرون لماذا أوصلتهم تلك الأقدار والحياة الى هذه الأوضاع المزرية ..
بهية ،وأدم ،وسلمى ،ومريم ،وعماد ،
والرجل الثري الشاذ وغيرهم ، جمعهم القدر وفرقتهم ايضا الأحداث والقدر والزمن والمكان
رواية مشوقة في فصولها مؤلمة في حقيقتها ،وأنت تقرأها تشعر بالحزن والوجع وتشعر بالغضب والسخط
تشعر أنك جزء من هذا الانسحاق الانساني أو أحد معارفك قد يكون قد عاش هذه المأساة التراجيدية أوكان أحد شخوصها
الكاتبة عنان أجادت في السرد والوصف وتحريك الشخوص والتعبير عن دواخلهم وأحلامهم ومعاناتهم وحبهم وحقدهم على الواقع والحياة والظروف ، وكانت متميزة ودقيقة باقتباس دواخلهم والتجول في أدمغتهم ورصدت زفراتهم وشهقاتهم ومعاناتهم كلها ، ولاننسى قصص الحب في الرواية ، مما أضفى هذا الحب بين آدم ومريم منحنى مختلف في السرد جعلنا نعيش حالة من المشاعر الايجابية نمو الأمل وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره بعد معاناة وتجربة قاسية جدا وربما قاتلة في حياة بعض الشخوص
ثمة الكثير من القراءة في هذه الرواية الاجتماعية الانسانية ،، خلق انسانا ،، ولكنني سأختم من منطلق خير الكلام ماقل ودل
من أجمل الروايات هذه الرواية تعالج سلبيات اجتماعية عميقة وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم الإنسانية والعائلية والأخلاقية والدينية في المحافظة على التربية والقيم الجميلة والابتعاد عن الأنانية والطمع والجشع والاستغلال ، والخوف من الله في السر والعلن .
متمنيا للكاتبة عنان محروس المزيد من النجاح..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!