قراءة نقدية لرواية (صديق النخلة /للروائي المصري سيد الرشيدي) بقلم: الأديبة الجزائرية خولة محمد فاضل (سحر القوافي)

خاص لصحيفة آفاق حرة:
___________________

الأديبة الجزائرية سحر القوافي تكتب عن روايتي صديق النخلة.
صديق النخلة وأسطورة العشق القاتل
ربما لا ترتقي لتوصيفها أبجدياتي وتعجز عن الإحاطة بها قراءتي
إنها أسطورة الوفاء والنقاء المغبش بوجع الغدر والخيانة وآهاته القاتلة..حين يفقد المرء الإحساس بالحياة والأشياء ويتوقف زمانه عند واقعة تقيده إليها بأصفاد روحية لا يمكن الانعتاق منها إلا بالموت، حينما تصبح الذكرى معلقة بنخلة في القصب لا تهدأ المهجة إلا في ظلالها حتى في غياهب الليل وقر الصقيع.. فتغدو الحياة وهما كبيراً لأن الحياة الهنيئة أزهقت روحها يوم فاضت روح الحبيبة بكيد الغدر والخيانة..
ربما بدا لك الأمر عزيزي القارىء وكأني سأتحدث عن أسطورة أو خرافة والحقيقة أنها قصة واقعية لكنها لا تحدث إلا في الصعيد أين يتشبع المرء بضياء القيم والفضائل ويرضع الطهر والوفاء،وتحيا الأرواح النورانية التي شبت في حضن الفضيلة والصدق والوفاء الأسطوري النادر الوجود.. تطل علينا هذه الأرواح من رواية صديق النخلة التي افتقدناها في عالم استهواه بريق المادة وحساب المصالح..
صدحت الفطرة الإنسانية السامية من عمق الصعيد وجراح عاشق اغتالته يد الغدر في روح معشوقته..تحملك الرواية في فضاء جميل كأنك في حلم رومانسي ترى من خلاله هؤلاء القوم وعفويتهم وطيبتهم وبساطة عيشهم. هذا كله وأكثر تجسده رواية صديق النخلة التي تروي ..
حكاية رجل كان يعشق ويحب واحدة فتاة اسمها “دلال” وقبل أن يدخل بها قتلها رجل كان يطمع بالزواج بها فجن حبيبها “بهلول” وعاش على الذكرى.. وبجوار بيت دلال نخلة في القصب فكان ينام عليها الى أن أكله الذئب ومات.. القصة فيها عادات وتقاليد الصعيد ولهب ذكريات يسعرها حب عذري لكنها من واقع تضيئه الفضيلة والإخلاص والصدق..
إنها رواية تشدك من أول حرف وتأسرك فلا تتركك إلا بعد التمتع بها والتعاطف مع شخوصها الحية ومشاركتهم هموم حياتهم.. وشخصيا لم أكن أعرف عن صعيد مصر إلا القليل لكن هذه الرواية الشيقة قدمته لي في سرد ماتع شيق مشوق وعفوية وخيال مشدود للواقع وكأن كاتبها رسام يرسم بريشة فنان يبدع في تجسيد المشاهد فتراها حية متحركة وكأنها واقعك وإذا بك واحد من الصعايدة تروح وتؤوب في ربوع القرية التي تعيش عالمها بعيداً عن ضجيج العولمة وزيف المدنية المعاصرة المتدفقة من الغرب..إنها الأصالة في أسمى حللها وأبهاها..وحتى لا أفسد على القارىء متعة التصفح أدعه يكتشف بنفسه عالم السحر والجمال والعشق الأسطوري الذي يهلك صاحبه” ومن الحب ما قتل ” ومهما أسهبت في الحديث عنها فلن أوفيها حقها من الوصف وأترك الحكم للقارىء..فطوبى للكاتب الكبير “سيد الرشيدي” بروايته الأصيلة وهنيئا للقارىء بمتعة مطالعتها..
_______
الحزائر

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!