قبس من نور{{… ارْكُضْ بِرِجْلِكَ…}} /تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن 

 

هذه الآية جاءت في معرض حكاية نبي الله داود مع المرض، وتُحاك حولها من الإسرائيليات الشيء الكثير الغير صحيح التي لا داعي لذكرها لأنها من وضع الوَضّاعُين المفترين..
وأذكر واحدة حتى لا أطيل”.. وقد كان قبل ذلك – أي أيوب – في مال جزيل وأولاد وسعة طائلة من الدنيا فسلب جميع ذلك حتى آل به الحال إلى أن ألقي على مزبلة من مزابل البلدة هذه المدة بكمالها ورفضه القريب والبعيد سوى زوجته..” هذا لا يصح أن يقال عن نبي كريم يلقى في هذا المكان؟؟؟؟
أيها المسلمون المرجعية لنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا غير.
قال الله تعالى :-
{{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ ***
إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ :- أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ***
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ***
هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ
وَشَرَابٌ…}}
فالحديث موجه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته….. {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ}.
ومن خلال هذه الآية الكريمة التي جاءت عرض حال من أيوب لله رب العالمين الذي أحاطه بعنايته وحفظه وتحت رعايته ولم يكن نسيا منسيا فهو تحت المجهر الطبي الإلهي.. وليس في المزبلة مكانه…
خطاب رباني راقي عن نبي من أنبياء الله له كرامته وذكره في السماء والأرض وفي الملأ الأعلى…فهو موضع ذكر لك يا محمد ولأمتك من بعدك في الصبر والإخلاص والتفاني….
قال الله تعالى {{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا }}فالعبودية لله هي أفضل المسميات وأحسن الصفات أن تكون في حياتك لله وحده، كما العبد يكون لسيده لا يشاركه فيه أحد…
قَالَ النَّبِيَّ ﷺ : أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أكُونَ عبْداً شكُوراً؟
وهنا تلاحظ الانفراد والاختصاص والكرامة ورفعة الشأن والمكانة وقل ما شئت،
فلن تصل إلى دقة الوصف القرآني{{عَبْدَنَا }}}}هو لنا ونحن له أنتهى إلى هنا أي تعليق، فهو من المخلصين لله وكفى…
والآن أي نداء وشكوى ودعاء ورجاء مستجاب فورا من رب كريم لإنسان تلك هي صفاته… وأنت كذلك لا يكن نداءك إلا لله{{إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ}}. وهذا دَّيْدَنُ الأنبياء قال نبي الله ابراهيم {{وإذا مرضت فهو يشفين}} وهكذا نبي الله أيوب {{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}}
فالنَصَبُ لمن لا يعرفه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هو المرض الذي أرهق أيوب في نفسه وجسده والحق به التَّعَبِ والمشقة والعَنَاءِ والوَجِع والألم والداء، والوباء والبلاء، وفوق هذا كله ألمت به وأصابته الوساوس والإحباطات الشيطانية…فكان حاله كحال الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك—
قال الله تعالى{{وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ …}} ظَنُّوا أي أَيقنوا يقينا قاطعا لا يعتريه الشك {{أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ}} وهكذا حال نبي الله أيوب وأمثاله.
أما العذاب الوارد في الآية فهو الآلام وشدتها، وأثر البلاء وما ذكر من أوجاع فكلما زاد النصب أرتفع منسوب العذاب، وهذا موضع الامتحان والصبر والاختبار …
وجاء الآن العلاج الرباني مُوْحًى له في وصفة علاجية في منتهى الإيجاز والإعجاز من رب رحيم أجرا وثوابا وشفاء لقاء الصبر والعبودية لله….
قال الله تعالى{{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ***
هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ ***
وَشَرَابٌ }}
أمر:- {{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}} ركضا ليس على عجلة أو دابة أو غيرها من وسائل النقل… وإنما ركضا على رجليك… وبذلك أطاع أيوب الله في أمره وما عصاه، فالحركة بركة لا خمول ولا ركود ولا سكون ،فالأجرام الكونية حركتها دائبة حول نفسها أو حول غيرها…..السكون وقف الحياة.
ثم جاءت إشارة التنبيه “هذا” إيقاظ للغافل وإشارة للمريض بقرب حصول الشفاء من رب العالمين فأنت بركضك نحو شفاءك بأمر الله إلى “مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ” وهو مكان الاغتسال والطهارة من كافة الأمراض الحسية والمعنوية في مغتسل بارد وليس مغتسل حار أو كبريتي أو معدني…الخ مغتسل مخصوص منصوص عليه في تلك الآيات…
وبعد هذا الاغتسال لك من الله “وَشَرَابٌ ” فيه طهارة داخلية معوية وباطنية فهو طاهِرٌ وطَهُورٌ بمشيئة الله وتقديره…قال تعالى {{… وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}}

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!