الحقد يولد الكراهية بين الناس

ديروط. ٱفاق حره الثقافية.كتب./وائل شعبان.

الحقد على الناس من السلوكيات المذمومة التي نهى عنها الإسلام، لأنه يجعل صاحبه يحمل في نفسه قلباً أسود لا يعرف العفو ولا الصفح، ويحقد على من يسيء إليه، ولا ينسى إساءته، فتجده يتربص بالناس ليشفي غيظه، ويروي غليله قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)، «سورة البقرة: الآيات 204 – 205». يقول الشيخ عادل أبو العباس من علماء الأزهر الشريف: ورد لفظ الحقد في القرآن الكريم بمعنى الغل قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ …)، «سورة الأعراف: الآية 43»، قال السعدي في تفسير الآية: من كرم وإحسان الله على أهل الجنة أن أزال الغل الذي كان موجوداً في قلوبهم والتنافس الذي بينهم حتى يكونوا إخواناً متحابين، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، «سورة الحشر: الآية 10»، هذا دعاء شامل لجميع المؤمنين بأن ينتفع ويدعو بعضهم لبعض ويحب بعضهم بعضا، ولهذا ذكر الله تعالى في الدعاء نفي الغل عن القلب سواء كان قليلاً أم كثيراً ووصف الذين سبقونا بالإيمان بأنهم تابعون للصحابة في عقائد الإيمان ووصفهم بالإقرار بالذنوب والاستغفار بعضهم لبعض واجتهادهم في إزالة الغل والحقد عن قلوبهم لإخوانهم المؤمنين. والإنسان الحقود يتصف بعداوة القلب، والحقد محرم بين الناس، لأنه يشيع الكراهية بينهم، وله نتائج خطيرة على الفرد والمجتمع، ومنها الحسد الذي يجعل الحاقد يتمنى زوال النعمة عن الآخرين فيحزن بنعمة الله لهم ويفرح بمصيبة أصابتهم ويشمت بما أصابهم من البلاء، ويتكلم الحاقد في حق المحقود عليه بما لا يحل من كذب ونميمة وغيبة ويفشى سره ويهتك ستره ويعتدي عليه، ويمنعه حقده من قضاء الدين وصلة الأرحام ورد المظالم. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحقد، حيث قال: «ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يكن ساحراً يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه»، وقال: «لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر»، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: «قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قيل صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد». وخير علاج للحقد هو الإيمان بالله، فبالإيمان وحده تصفو النفوس وتبعد عنها ظلمة الحقد وسلبيته، وحسن الظن بالآخرين، فكلما وسوس الشيطان بسوء الظن للآخرين فيجب على الإنسان التعوذ بالله منه والاستغفار والتوبة، فالله سبحانه أخبرنا بأن سوء الظن إثم، وقلة الكلام ومعاهدة النفس على الانضباط وعدم الغيبة والنميمة، والدعاء بأن يطهر الله قلوبنا من الغل والحقد والحسد «ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا». كما يكمن علاج الحقد في التخلص من الغضب، وأن يحذر الإنسان نفسه عاقبة الانتقام، وأن يعلم أن قدرة الله عليه أعظم من قدرته، وأنه سبحانه وتعالى بيده الأمر والنهي، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، وأن يقلع الإنسان الحقود عن غيه، ويصلح سيرته، وأن يصلح من شأنه ويطيب خاطره، وعلى الطرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبل العذر، وبهذا تموت الأحقاد وتحل المحبة والألفة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!