جاحدة/ بقلم : إيلي جبر ( لبنان )

اقف عند المحطة يسبقني الوقت

يخزّنني حنطة وأعدُّه للرحيل …

يَعِدُني للبيادر غنيّةَ الحقول الآتية

ويُسعِدني للجنى ليوم الحصاد .

بيني وبين المحطة حقيبة سفر وجمادُ لحظات وتسكعٌ الى مقاعد

المرافقة …

الانتظارُ يولِّدُ الحياة التي يعقبها الصمت والصمت يوَلِّد حنين الانتظار ينتظره على أول باب

يلوِّحُ له يده بالتحية وينكزُ من خزنته ومضاتٌ تكرُّ هاربة الى أديم الثواني يلاحقها الغبار ينثرها اعطارً بائدة لا تستكين في اضمحلالها …

انا أتبين المرور ولا ارى أحداً أفتِّشُ عن وجه خيالِ ظلاله …

تتكأ على مرفقه ويأبى ان تهدهد ساعده ، ظمآن من الماء الذي أراه هادراً على بعد أنملات فلا أحسّه ولا اطلبُهُ او اشتهيه ماء الى ظلال او ماء تمادى فحسب نفسه نبضاً له دماء جارية والعروق من جسدي تنبض .

لامس المساءُ ظلمةَ العقل فيما هو ما زال ينير شمساً آلت الرحيل دون وداع وانتظارها لموعد شروق …

في رحلتي انتِ تشاكسين الوداع

وانا أأبى الرحيل دون رؤيتك وانت لا تحبين الوداع .

ان كنت زائل من لحظاتكِ هذه فلم تؤثرين الاختباء وان كنت تصرفينني من اروقة النسيان او تدفعينني الى شموس أخرى ،فما كَلَّني النظر ولا جافاني الانتظار .

سأحيا دائما في حضرتك وفي حضور النسمات وظلاً يابى التحلل في استار اللون …

تأتين اليَّ وفي جعبتك وَهمُ أطفال وحلمٌ مُضَللينَ به صغار النفوس  برياح الغرب.

ترقصين على اجساد المائتين رقصة الظفر وتظنّين انك آلهة الموت والشقاء .

لا لست كذلك انه الدَسُّ العجيب الذي ادخلوه أجسامنا في وقت سابق على أوتار آلاتهم التصويرية والشعاعية …

وانا الذي كنت اسرحُ في حقول الجنّ أعانق بنات النقاء في الطبيعة لم اتفرغ لتلك الفحوص ولم أعرها اهتماماً لذلك ايتها الجميلة الباردة الصفراء لم تنطلي شباككِ وانتِ تخططين ثنايا حرير على معسول ادبٍ على كبر نفسٍ وتهمسين أبهى الاغنيات بكلمات ليست كلمات، بكلمات ملؤها الازل وصوت الجبل وعطور الوادي والهات العشق في بلادي .

لم تفقهي سرَّ بقائي ولا سرَّ اتقائي

حباكِ وقعتِ في شباكي

وانتِ في زرقة المصير .

غداً ستفوحين سراباً وتضيعين اثير .

ابوك العلم الغاشم وأمك بئس المصير تحفرين حفرة للإنسان وتطمرين فيها ظلامتكِ .

غداً تشرق حياة الارض من عتمة الحبائل التي نصبتها .

غداً يخرج بناة الارض تجدلهم الارض حنطة وسنابل وأخوة ونخوة وعوناً.

سيبنون العمائر بسحرٍ سائر

ويزرعون الحقول سرائر

ويطلبون العلم غبائر

وذرات

ويعرفون سركّ ايتها الفتاة

ويغلبون من ظنك لحظة الخلق

غانية الفلاة .

ساعرِّفُكِ يا سيدتي على خالقكِ :

ذا الغبي الذي نفحكِ الحياة من العدم

ذا الغبي الذي جبل هامتك بريح التراب

ذا الغبي الذي ارادكِ ليفني بني جلدته وابناء ذوات الجلود . ذا الوضيع الذي اعلى جماداً فوق الحدود

انتِ يا سيدتي فكرة بائدة

ومهرٌ بالأنواء جامحة وذي اضلع من الغصون جانحة ويلهمكِ هذا العلو الأغبر وانت منه ذرات أسْمَتكِ جائحة …

وانتِ للحياة جاحدة .

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!