حينما كنتُ وزيراً للتنمية الاجتماعية

كامل النصيرات

أذكر ذات مرةٍ حين كنتُ وزيراً للتنمية الاجتماعية على ما اعتقد ..دخل عليّ مدير مكتبي وهو يصيح: معاليك معاليك ؛ الشاعر المتنبي يقف ببابك ويريد أن يراك ..وقبل أن يكمل كلامه دخل المتنبي بملابس رثّة و لحية طويلة مليئة بالغبار و بيده بعض الأوراق المُصفرّة ..وقال لي بصوت فصيح: دخيل على ولاياك..اتبهدلت يا زلمة ..!
نظرتُ إليه من فوق لتحت..وأنا أتساءل أين كبرياؤه..؟ ما أكذب الكتب..! قلتُ له وأنا أحاول أن أتعالى كثيراً كي يعرف أيّ الكبريائين أوضح وأجلى: طيب طيب ماذا تريد يا أحمد الحسين (اسم المتنبي الحقيقي)..؟ قال وهو يلهث أمامي : راتب من التنمية ..والله البيت بده يقع فوق راسي..وأنا مريض سكري وضغط ومفاصل وقولون وشقيقة و….! قاطعته : كلكم بتحكوا نفس الحكي ..المهم أوراقك سليمة؟ مدّ لي الأوراق وهو يحاول تقبيل يدي: هيها معاليك هيها..! تفحصتُ الأوراق وأنا أقول له: طلبك مرفوض..!
صار يولول: حرام عليك ..ليش هيك معاليك ..؟ قلت له : فش معك معرّفين عليك ..! قال راجفاً: أبداً أبداً..معي بس تركتهم برّة ..! قلت باندهاش: من هم ؟ قال: السيف والرمح و القرطاس ..والقلم ها هو ..! قلت له : طيب والخيل و الليل و البيداء..؟؟؟ قال : هو إنتو خليتو فيها خيول معاليك ..والليل بطّل ليل..والبيداء اسأل الاعراب أين صارت ..؟ ..
جاءت فرصتي لأصرخ فيه: هيييه ..حيلك حيك..أشوف بدك تقلب معارضة..؟ اسمع..والله أخليك تنسى حليب أمك..وكمان شو سيف ورمح ..هذا الحكي زمان زمان حطيناه ع الرف..وقّف أعوج واحكي عدل..وطلبك مرفوض..يلا..اقلب من هون..!
خرج باكياً لاهثا..وأنا أقول لمدير مكتبي : أدخل (الحطيئة) ..وخلي بقية الشباب ( أبو تمام ..وامرؤ القيس ..و جرير ..والفرزدق ) يروحوا ويرجعوا بكرة..! . 

عن  / جريدة   الدستور

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!