قراءة في قصيدة  سليمى السرايري- ” يا ورد … يا تمزرط  “

  • هاشم خليل عبدالغني – الأردن

   إشارة : ” تمزرط قرية الشاعرة تقع في جنوب تونس ” .

سليمى السرايري شاعرة تونسية، ناهضة نحو التميز الفني الإبداعي شكلا ومضموناً ، من أكثر شعراء تونس رقة وعذوبة وإنسانية وانسيابية ، ملأت الساحة الفنية شعراً حافلا بمواقف مبدئية ثابتة ، شاعرة وفنانة أنيقة ومجيدة ، تحمل وطنها في قلبها ، ويتجلى ذلك في حبها لقريتها تمزرط ، تلك القرية الوادعة  في الجنوب التونسي ، التابعة لولاية قابس وهي قرية امازيغية . يلقبونها بأميرة الجبال نظرا لأنها تطلّ على جميع القرى المجاورة .

  تحمل  قصيدتها باللهجة العامية التونسية “ يا ورد يا تمزرط “ بعدًا وجدانيًا وإنسانيا عامًا ، جعلت من فؤادها دفيئة المشاعر الإنسانية ، حلقت بنا عالياً في سماء الوجد والعشق من خلال عزفها الأنيق على ناي اللهجة العامية  التونسية العذبة … فأيقظت فينا روح حب الالتصاق بالأرض ، فلا يوجد  ما هو أعذب من ارض الوطن .

شاركت المبدعة ( السرايري ) التي تمجّد الانتماء وتطبع بصمات الحياة والأمل على جدران الروح ، في مهرجان شعبي في قريتها تمزرط في الجنوب التونسي ، وبين نسائم عليلة ولوحات تشكيلية طبيعية ، في هذه الأجواء الساحرة .. عبرت الشاعرة عن انفعالاتها وعواطفها القوية ومشاعرها المؤثرة ، عبرت عن مدى تعلقها والتصاقها بقريتها تمزرط .

فأدخلتنا إلى رحاب الشعر …. تصف الشاعرة قريتها بأنها وردة الوطن ودرته، وبأنها أثيرة على قلبها ولها مكانة تاريخية هامة  ، مهما ابتعدنا عنك يا أمنا ، يلتم شملنا كل عام  للاحتفال بتاريخك وتراثك ،  فحبك يجمعنا وإن فرقتنا ظروف العمل والبحث عن الرزق ، بدونك قريتنا ليس للحياة معنى ، ففي كل عام نلتقي لنحتفل بيومك .. وعيدك . وقدمت لنا ما جادت بها قريحتها من شعر آسر وبرشاقة اللهجة العامية ، تصف الشاعرة  فيه شعورها وإحساسها تجاه قريتها فتقول وبرشاقة اللهجة العامية التونسية :-

يا ورد يا تمزرط  –
****************
يا ورد يا تمزرط
وردة وطن و العيد هذا عيدك 
و راية وطننا في ايدك
بلادي تمزرط نمدحك و نزيدك
.
ليك(ي) مكانة في القلوب عظيمة 
التاريخ يشهد من عصور قديمة
انك كتبتيها الملاحم بإيدك
مهما بعدنا عليك يا لميمة
يجمعنا لم الشمل في مواعيدك
.
حبك الي يجمعنا 
و الوقت فرقنا عليه اللعنة
الشوق لطمزرط  جابنا و رجعنا
نسمة جبالك تربتك و جريدك
بلا بيك دنيتنا ما ليها معنى
يا كاتمة وسط الجبل تنهيدك
.
وردة وطن و العيد هذا عيدك 
و راية وطننا في ايدك
بلادي تمزرط نمدحك و نزيدك

               ____  

مما تقدم يتبين أن النص يحمل طاقة متجددة من قوة حب الأرض ومسقط الرأس.. حتى يبقى الوطن حياً ومعافى ففي قريتي كما تقول الشاعرة .. أهلي وأصدقائي. وحبي لقريتي ( حب لوطني ) يدفعني هذا الحب، إلى إن أصبح عاملة أخدم قريتي وأنفعها ، وأعمل على التواصل معها ماديا وروحيا ، وأرد إليها بعض أفضالها علي، كجزء عزيز من وطني الذي أحب ، وقد قال أمير الشعراء ( أحمد شوقي ) في حب الوطن:

وطني لو شغلت بالخلد عنه

نازعتني إليه في الخلد نفسي

وتجدر الإشارة إلى أن الشاعرة سبق لها، أن كتبت قصائد شعرية باللغة الفصحى ،عن قريتها تمزرط وخاصة قصيدة تمزرط، يا أنشودة الحقول البعيدة “... وفيما يلي مقطع من هذه القصيدة :

تمزرط. ..
أيها العشق الذي لا يموت
جئناك محملين بشتائل الأمل
وآيات الوجد الذي لا يلين. ..
جئناك بأحلام الجدات الماجدات
اللواتي غرسن للحب زهورا
خبئن بين خوابي العسل،
أجمل حكايات الصبا
وخضّبن هواءك بعطور الرمان والحناء

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!