ما زالت تسكن ذاكرتي / بقلم : ميرنا أحمد حتقوة

”  كانت  تدخن ( الهيشي ) ، وتضع  حبات  القهوة  السوداء   في  جيب  ثوبها ،  وتستنشق  رائحتها بطريقة  كانت  تثير  فضولي ، لا ألقاها  إلا  ورائحة القهوة  تلفها  بهالة  شهية  ،  كانت  عيونها  دائما تنظر  إلى مكان  بعيد وكنت أسالها  دوما  بماذا  تفكرين  ؟  تبتسم  ولا  تجيب .
كنت أراها  غالبا   تحت البلوطة  الكبيرة  في  النهار ، تناديني (  شعيلة ) هذا  ما  أطلقته  علي ،  ومساء  كانت  تحتل  مقعدا  على شرفتي  الخلفية  تستمتع  بهواء  الجبل  العليل ،  أجالسها  لساعات  دون ملل ، ورائحة  الهيشي تدخل  أعماقي ،  حتى أنني  للحظة كنت أشتهي  أن تسكن  رائحته  صدري  وتتخذ ه  قرارا  ، كنت أصارحها  بهذه  الرغبة  ترد  قائلة  لن  تحتمليه .
كانت  ترى  حياتها أمام  عينيها  ودوما  تعيد لي  نفس  احكايات  وأنا استمع ، لم أقل  لها يوما  ذلك ،  كنت  أتمنى  لو أعرف  أي  حزن  سكن  عينيها ، وأي ألم  مزق  قلبها .
رحلت  دون  وداع  رحيلا هادئا  جدا  ، أشفق  الموت عليها  من  شراسته ، رافقها  بمنتهى  السرعة  والرقة ،  إلى رحاب  أظنها أفضل  ، ما زالت  أراها  كلما شاهدت  أحدهم  يدخن  الهيشي  أو أرى  حبات  القهوة  وأشتم  عبقها ” .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!