{{مجتمع “اللون الواحد” في ألمانيا صار من الماضي}} بقلم الكاتبة: د. سعاد زكي البصمجي

لقد أصبح المجتمع الألماني مجتمع هجرة. لم يعد بالإمكان إعادة هذا التطور إلى الوراء – لن يتمكَّن أي سياسي يميني متطرِّف في ألمانيا أو أوروبا أو في الولايات المتَّحدة الأمريكية من منع التغيُّرات الديموغرافية التي تحدث لدى شعوبهم. قد يخلق اليمينيون نزاعات وانقسامات، بيد أنَّهم لا يستطيعون خلق شعب نقي عرقيًا.

تُقال أشياءُ في ألمانيا، لم يكن من الممكن التفكير فيها قبل عشرة أعوام. الأشخاص الذين لا تبدو أشكالهم ألمانية عادية، يتم اعتبارهم من قِبَل السياسيين كمجرمين محتملين؛ ويتم التشكيك مرة أخرى في حقيقة أنَّ ألمانيا بلد هجرة.
لقد أظهر الجدل حول لاعب المنتخب الوطني الألماني السابق مسعود أوزيل مدى صعوبة قبولنا من دون شرط أو قيد الأشخاص المختلفين كألمان، حتى وإن كانوا قد نشؤوا وترعرعوا في ألمانيا. وبحسب تعبير وزير الداخلية الاتِّحادي، هورست زيهوفر، فإنَّ الهجرة هي “أمُّ جميع المشاكل السياسية”. وهو يعكس بذلك المزاج السائد لدى الكثير من المواطنين الألمان.
ومرة أخرى بات يتم طرح فكرة “قومية” الأمة الألمانية كمجتمع ينحدر من أصل الأجداد. لم ينجح السياسيون تمامًا في التخلي عن هذا المفهوم: إذ إنَّ أي شخص له أصول ألمانية وُلِد في كازاخستان أو في أي مكان آخر في الكتلة الشرقية الشيوعية السابقة، بوسعه أن يعود إلى ألمانيا كألماني، حتى لو كان أجداده قد هاجروا من ألمانيا قبل مئات السنين. يمثِّل تعريف المهاجرين والمُهَجَّرين كـ”ألمان عرقيين” تطبيقًا قليل الحياء لنموذج الأمة القومية. من الجيِّد أنَّ هؤلاء الأشخاص يحصلون على المساعدة ليبدؤوا حياتهم، وكذلك يتم قبولهم بشكل ودِّي على الصعيد الرسمي. ولكن من المؤسف أنَّ هذا لم يحصل مع المهاجرين الآخرين.
ولذلك فإنَّ الإصلاحات المدخلة على قانون الجنسية منذ عام 1992 تعتبر إلزامية. كون المرء ألمانيًا لم يعد يتم تفسيره اليوم مثلما كانت عليه الحال في السابق بالانحدار من أصول ألمانية. لقد أدرك السياسيون الأذكياء أنَّهم يحتاجون وبشكل متزايد أصوات المهاجرين وأبنائهم من أجل النجاح في الانتخابات. وحتى حزب “البديل من أجل ألمانيا” الشعبوي يعرف ذلك، ويجري بنشاط حملات دعائية بين البولنديين والمهاجرين الناطقين بالروسية وغيرهم من أجل كسب الأصوات.

عن أيمن قدره دانيال

كاتب - شاعر - اعلامي - عضو الاتحاد العام للاعلاميين العرب 2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!