مقالات تنويرية ( الاطمئنان ) / بقلم : سعادة ايو عراق

هكذا نحن جميعا ، نحب أن يوافقنا من هم حولنا على رأينا، وأن يتكلم لنا فيما نحب، ويعزز لنا موقفنا وقناعاتنا ويرفع من معنوياتنا، بل يزودنا بما كنا نبحث عنه في مجالات شؤوننا، وبالطبع فنحن نرى فيه معززاً لنا في هذه الحياة.
وخاصة أننا نشعر بنقص في أنفسنا وقدراتنا، وحين نجد من هو جاهز لسد هذا الفراغ، ونجد أناسا متأهبين وقادرين على مساعدتنا في أزماتنا الفكرية، و يجدون لنا الحلول لمشاكلنا وحاجتنا، فإنهم يصبحون رغما عنا أصدقاءنا الموثوق بهم، الذين نركن إليهم ونسعي لمجالستهم ونأتمن جانبهم.
وتبدأ المشكلة حينما نأمن جانبهم، ولا نعود نشك بصدقهم وإخلاصهم، ومن هنا تبدأ مشكلة التسوّس والنخر في حياتنا، فنحن لا يخامرنا شك بمدى إخلاصهم وصواب أفكارهم، ولكننا لا نعرف أنهم بشر يصيبون ويخطئون، إنما نستريح لهذا المهاد الوثير الذي فرشوه لنا، وحوض الماء الدافئ الذي أعدوه لاستحمامنا، ونصبح مثل شجرة الدر التي أعدمت ضربا بالقباقيب في حمامها الدافئ, الذي أعدته لها جواريها المقربات, ذلك لأننا عطلنا عقولنا وطاقة تفكيرنا واستكنّا إلى الكسل والخمول والاعتماد على الغير.
هذا على المستوى الفردي، يخدعنا دائما أصدقاؤنا الذين نحبهم ونطمئن إليهم، من حيث يقصدون أو لا يقصدون، لكن المصيبة أعظم في مستوى الحكام والسياسيين، فالمقربون الذين يكونون لهم بطانة هم أكثر الناس خطرا عليهم، كما شاهدنا احمد عز وحبيب العدلي حيث جعلوا من حسني مبارك ألعوبة في أيديهم، وراحوا يزينون له ما يريدون على انه ما يريده هو، أو يطمح إليه، ومثله بقية حكام العرب، حيث يصبح أولادهم في ظل دكتاتوريتهم أكبر وبالا عليهم، كأولاد مبارك والقذافي وصدام وحافظ ألأسد وعلي عبدالله صالح، الذين عانوا وما زالوا يعانون من رياح الربيع العربي.
لذلك من الأخطاء الكبرى التي نرتكبها هو الإنصات للقول الذي نحبه بما يشعرنا أننا واضحون لدى غيرنا، وأن موقفنا صحيح وقابل للنمو، وسهل القبول ومرحب به، دون أن نعلم بأننا لسنا أنبياء، يتنزل علينا القول الحق، إنما نحن بشر، تتخلق في أذهاننا بذور الأفكار، بعضها خبيث وبعضها صالح, وإننا لا نستبين بسهولة صلاحها من فسادها، فكيف لغيرنا أن يستبينها ؟

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!