وقفة مع آية ((إني مسني الضر ))بقلم أ. فتحي أحمد

((وقفة مع آية من كتاب الله ))
(( وأيوب اذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ))
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الوعد الامين ..
كان نبي الله ايوب عليه السلام قبل ان يصاب بالامراض والافات والعاهات رجلا شابا قوية البنية له مكانته وهيبته بين قومه وكان على سعة من رزقه فابتلاه الله سبحانه وتعالى في صحته فنحل جسده ووهن عظمه وأقعده المرض عن العمل وكان لا يستطيع التحرك الا بمساعدة زوجته ومع مرور السنين لم يبق معه من حطام الدنيا شيء فاضطرت زوجته للعمل حتى تقوم على خدمته وتؤمن له ما يلزم من الطعام والشراب ..
ولن نقف كثيرا مع حيثيات القصة بسبب عدم الوقوف على صحة الكثير من أسانيدها وان كان جلها من الاسرائيليات ..
ولكننا سنقف وقفة تامل لهذه الاية الكريمة لنرى ما فيها من حكم قد تفيدنا في علاقتنا مع الله تعالى ..
( وايوب اذ نادى ربه )
عادة ما يكون النداء بصوت مرتفع ولكن النداء في القران يختلف في المعنى ففي قصة زكريا يقول ربنا عز وجل =
(ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا )
لقد نادى زكريا ربه كما ناداه من قبل أيوب عليهما السلام والنداء هنا هو صراخ القلب بصوت خافت بينهم وبين الله سبحانه وتعالى …
( إني  مسني الضر )
سبحان الله ما هذا الأدب ؟ وما هذا الحياء مع الله تعالى ؟؟
لاحظوا معي لم يقل ..يارب اقعدني المرض.. ولم يقل يارب قد هدني المرض… ولم يقل أعياني الفقر والجوع والحرمان …ولم يقل استفحل المرض في جسمي واخذ مني كل ماخذ ..ولم يقل يارب جفاني القريب والبعيد ووووو بل قال =
( اني مسني الضر )
والمساس هو ملامسة الشيء للشيء بخفة ولطف كمن يلمس شعر محب له هكذا بكل تواضع وحياء وأدب لانه يعلم ان الله تعالى خبير به وبأحواله وأنه هو الذي ابتلاه ليكون مثالا ونموذجا يحتذى به بالصبر والايمان والاحتساب وليس كما يقول البعض في هذا الزمن ..
( يارب ماذا فعلت تحت سمائك حتى تعاقبني او تصيبني بهذا البلاء )
وهذا والعياذ بالله اقرب للكفر منه للايمان..
والبعض الاخر يدعو بالحاح ان يحقق لله له بعض ما يتمنى فان لم تأت الاجابة كما يهوى ترك الصلاة والصيام وأعلن التمرد والعصيان والعياذ بالله ..
وحدث معي مرة ان زرت مريضا في المستشفى قد هده المرض فدعا ربه بالشفاء فلما طال عليه واشتد شتم الاله والعياذ بالله لانه لم يستجب له …
فايوب عليه السلام هو النموذج والمثال الاعلى للمؤمنين لكي يتأدبوا مع الله ويصبروا ويتحملوا وليشكروا الله على كثير من النعم التي لا زالوا ينعمون بها ولينظروا الى ما هو دونهم وليعلموا ان هذه الحياة انما هي امتحان وابتلاء فطوبى للصابرين والشاكرين وطوبى لمن كان ايمانه ويقينه ان الله هو أرحم الراحمين .

عن نوار الشاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!