غريباً بعيداً كان حالُه، وفجأة أصبح كمَلَكٍ بجناحين ناصعيّ البياض يتنزَّلُ من مدرَّجه و يحطّ في قلبي، فيخطو في ساحات قلبي ويتجوّلُ، وكاهلُه مثقلٌ بحمولةٍ ممزوجةٍ من أفراحٍ وخيباتٍ وأحزانٍ، واضعاً جُلّ مشاعره في أراضِيَّ .
يجلسُ على مقعدٍ يسار فؤادي آخذاً قسطاً من الرّاحةِ رامياً ما أتعبه من حمولته، فيقوى ويشتدّ ساعده ويلملم ماتبقّى من أشيائه ليكمل طريقه.
ومايلبث أن يحجز مقعده الثاني في الجانب الأيمن من فؤادي الذي كاد أن يصبح مكانه الخاصّ، ليستمتع بقراءة نبضاتي وسماع دقاتي، ثمّ يترك حمولته هنا أمانةً متابعاً سيره، فيجُولُ أرجائي سعياً على أقدامه، شارداً في أنحائي، متملّكاً مقعديه السابقين، باحثاً عن الثالث ليغزوه ويستوطنه.
وماإن يقرر الخروجَ منّي ليعود إلى موطنه حتّى يتذكّر حمولته التي أثقلني بها وراحتي التي بعثْتُها فيه، فيرجع إليّ ليتّخذَ من أرضي وسمائي موطناً آمناً يقطُنه، ليُتَوِّجَهُ فؤادي بعد ذلك سفيراً له أنيقاً لطيفاً يليق به.