(منحوسه ياللي عليكي الدور) بقلم المهندس قاسم الحوشان عياش

لصحيفة آفاق حرة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

أصدقائي :
من روضة الاطفال الى الاعدادي ، فالثانوي ،فالجامعة، فالتخرج رحلةُ عمرٍ مداها خمسون .
جمالها في حضانتها. بهاؤها في (كشكوسيراتها) الصغيرة الصفراء الفاقع لونها …..
(أفارولاتها) الصفراء تخلعها في ابتدائيتها ……
ترتدي حللها البيضاء الممزقة في إعداديتها…..
تتمايلُ مزهوّةً رغم تكشُّفِ بعضاً من عورتها ……..
تتسابق على سجاد الامتصاص شامخةً برؤوسها ……..
معتزةً (ببيريهاتها)….
بعد أيامٍ ستغادرُ الشتوي من معسكرها ………
وتنتقل إلى ربيع العمر من أيامها…..
الرعايةُ الصحيةُ برنامجها…..
الحرص على الإغلاق خوفاً من الأمراضِ غاياتنا ومصاحها …..
اليوم حانت رعايتها، حان لقاحها، جاء طبيبها…..
شمِّروا عن سواعدكم يا أحباءنا ……
امراض هذا العصر لا يقضي عليها الاَّ لقاحها ……
يا ليت لقاحنا شرباً بدل هذه الإبر الموجعة
لسواعدنا……
لقاح الماء يحرمنا ماء الشرب طوال نهارنا كما قالوا لنا ……..،
نفر من الموت الى الموت يا ليتها تتقارب ايامنا ……..
كما يتقارب زماننا ……
لنخرج من هذه المرحلة ومن كل أوزارنا……….
أن أجسادنا غضةً على تحملها …..
أين منا استبدال ثيابنا ……
لا ترى أجسادنا من خلالها ……
(كشكوسراتٍ) بيض نتباهى بارتدائها …..
ونستبدل (بيريهاتنا) الصغيرة بطرابيش دمشقية ميدانية الصنعِ ضافيةٌ على رؤوسنا………
إنه احتفال تخرجنا أولى مراحل عمرنا….. رحبٌ مقامنا والشراحةُ صفةُ مقرونةٌ بنُزُلِنا…..
وفرش جديد وسجادٌ اثاث بيتنا….
ضافيةٌ كاملةٌ ستائر نوافذنا…..
ومطعم خمس نجومٍ وبوفيهٌ مفتوح مكان إطعامنا …….
ولا ليلٌ يغمرنا السطوع على مدادِ سهراتنا ……
لعب الورق تسليتنا ……
مصارعةُ الديكةِ رياضتنا ….
التمرغ في الموكيت لعبنا….
سيؤوينا النزل الجميل نصف فترة غربتنا …….
بعد فترة سيتسع مقامنا……
وستتثاقل اجسادنا ……
تتباطؤ حركتنا …..
فالهواء والغذاء الصحي يزيد من أوزاننا …..
كل فنون الرياضة واساليب الريجيم لن تخسس أوزاننا ………
اكتمل لباسنا عباءاتنا البيضاء غطَّتْ كواحلنا …….
اقترب سفرنا ،واقتربت رحلة نزهتنا ……
سنرتحل بحافلةٍ جماعيةٍ أم بالحافلة خاصتنا………
ستسير الحافلات مع الفجر
أطفئوا الأنوار غارةٌ جويةٌ من أعدائنا …..
اركبوا حافلاتكم دون همس أو أي ضوضاء لكي لا يشعر العدو بتحركاتكم وتحرُّكنا…..
حافلاتنا عزُّنا (سرفيساتنا) صفراء انيقةٌ تصعد قلب متوازية المستطيلات الخاصةُ لنزهتنا ……
كلها صفراء جديده تكريماً لنا …..
ربضنا بها وربضت بنا في قلب المتوازي المتحرك خاصتنا….
واتجهنا إلى مقصدنا …..
الغارة لازال مفعولها والتعتيم ديدننا ….
على الأضواء الخافتةُ تحركنا …..
تمَّ تفريقنا في بيوتنا والاحتفاء بنا …….
في الطوابق المتعاقبة سُكنانا ……..
نتبادل التحايا والقبلات فيما بيننا ……….
ونرسل الهدايا دون أغلفةٍ الى من هم في سالف الطوابق تحتنا …..
الحر أعرق وجهنا وبحيرةُ الماء دائمة لا تفارقنا……
الترحيل يُخففُ من ازدحامنا…..
الابتعاد عن هذا الطابق اصبح غايتنا ……
يا ليتنا نجلس على هذا القمع المنحوس وننزل رأسنا …….
متى يأتي دورنا …..
لعلنا نرى ما تحتنا ….
اللّافا (الياقوتة) الحمراء تحتنا ترفدها شراييننا ….
وتنظرُ الى السماءِ مؤخرتنا تودعها بالرفس أقدامنا…..
يا ألله متى يحين دورنا ….
وتتمتع اخواتنا بمشاهدةِ رياضتنا…..
ونلبس طوقاً جميلاً في جيدنا …..
وتُحَمَّلُ بالأكفان أشلاؤنا…..
بلا عباءةٍ بيضاء عاريةً أجسادنا ….
عباءاتنا أبعدت سداها عن لحماتها ………
عولِجَتْ لتعود فرشاً ومخداتٍ ولحفاً لأهلنا……
أجسادنا بيعت لأهل حيِّنا على المراجل ليحتسي بها جياَّعنا صُيامنا وقُيّامنا….
لا تلوموني يا رفاقي هذه كانت رحلتنا …..
خمسون يوماً من مهدنا الى لحدنا …..
هذه هي سنةُ الحياة نموتُ ليحيا غيرُنا …. ويموت غيرنا لتدوم الحياةُ على كرتنا….

رحلةُ فرّوجةٍ من مهدها إلى لحدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
درعا – سوريا

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!