العَهْرُ كَانَ وَلازَالَ / بقلم : عبد اللطيف رعري – فرنسا

العَهْرُ

 يَنبعٌ فُي الفَصلِ الذّي تأتِي فِيهِ النَّوارسُ

علَى سِيقانٍ من ثلجٍ

 لترْقُص اليدُ في اليد ِ

أمامَ عرِيسٍ مَجهُولِ الملمَحِ يتَقاطرُ عَرقًا …

كُلمَّا أوْمأت عيْناهُ لشَلالٍ

سقَطتْ أعْشاشُ اللقلقِ فِي عَينِ طُحلُبٍ صَغيرٍ

 وتَفردّت طُفيليَاتُ المَصبِّ اللَّعينةِ

بالاسِتحْمامِ 

تَحتَ رَحْمة أقدامٍ  

تسْتثنِي منْ وَطئِها اليابسَاتُ

 وكلمّا مالتْ بعَهرِها تنصَّلت منْ أعْرَافِها الحُروفُ

 

 العَهرُ نبثُ العارِ في زمن العارِ

الشَّمسُ عاهرةٌ تظهرُ وتختفِي

تُغرِي الماءَ بالعُريِّ فَتلبسُهُ الرَّملَ

العاصِفةُ عَاهرةٌ تضاجعُ الأشجارَ كُرْهًاً

 لِتلدَ صَفيرًا يُغضبُ صَمتَ اللَّيلِ

   وتقبِّلُ الرّيحَ في شَفتيهِ فتتَرُكُه للْحرِيقٍ …

الخَيبةُ عَاهرةٌ  تقتلُ العوانسَ

 فِي المَجَراتِ العَاليةِ

تُزيحُ زهْرةَ المِيلادِ عنْ مسْلكِ الظُّهُورِ

الخيبةُ

 تعيرُ الشاعرَ شُبهةَ التَّشفِي فِي مُستقرِ الصَّور

  الصحراءُ عاهرةٌ تلبسُ خمارًا يكشفُ لَونَ عُيونهَا

 ونِصفُها مَرتعٌ للحيتانِ

 تسْرِقُ مِنكَ المَسافات وترمِي أثارها للجحِيمِ ..

أبناءُها شرَّدتهُم الدَّعاَبة..

.وغرَّهُم سلُوكُ النعامةِ فتصيّدُوا عُقْم الغَابة

.كلُّ الأشياء ِعاهِرة ٌ…

اللغَةُ عاهرَةٌ تنبَطحُ لشَاعِرٍ

 فَقطْ  ليُغازلُها بالمَجانِ

 فيُحِيلُها علَى النَّومِ فِي عَتباتِ المَقاهِي…

 في الحَاناتِ…

 تُحتَ أقدامِ المُومِسَات  ..

.بينَ شَخِيرِ المُشَرَّدِ ين …

بينَ السَّكارى والمُعرْبدِ ين …

العَهرُ مَلأ المَكانَ والزمَانَ …..

سَاعَاتِي عَاهرةٌ  تُمَجَّدُّ مَواعِيدَ الغِيدِ بسَخاءٍ

 عَقاربُها غَادِرَة في العينِ

نَافِذة فِي القلبِ كَسِهامِ المَوتِ

 تَرْحلُ بالجبْرِ حِين يُوافيهَا الغَدرُ…

   وَتنامٌ علَى القَليلِ  إلِّا  رٌبعٍ  وتصحُو زًمن اللاشيء

 في فَصلٍ خَامِسٍ يحْتضِنُ الثَّلجَ للْجياعِ

 وتُعلَّبُ فيه الشَّمس للمَوتى…

سَاعاتِي اليوم بنِصفِ دورَةٍ

 والدوْرةُ تَحكُمها أقْدام

والأقدامُ بِبُطئِها تَدوسُ العُمرَ …

وهَذا الليلُ كفَنٌ للعَهرِ أيضًا

 يَتوقَّعُ حمَاقةَ الجَميعِ متَسللًا

 إلى مضَاجِعِهم

بألحَاظٍ برَّاقةٍ

 فيتَوسَّدُ جَنباتَ الطَّريقِ ليَمنعَ الحُلمَ ..

.

الَّليلُ عَاهرٌ أوَّلٌ عَاهرٌ أخيرٌ

يتستَّرُ في ثيابٍ باليةً ليصْطادَ

 غزَالة تحترِقُ

 فيَمدُّها دفءًا مُزيفًا يبعثرُ تارِيخَ

المَساحيقِ الكِيماويةِ

الليلُ يحملُ الفُجورَ علَى أكتَافهِ بالمَجانِ

 يُضاجعُ الصَّراصِير

 يرْكضُ حَافيًا وعينهُ علَى الصَّباحِ

 ينامُ عارِيًا كطِفلٍ مُهملٍ…

 يقتاتُ من المزَابلٍ الفرنسيةٍ زمن ديغول حّى ماكرون

 يطعِمُ زُبناءً الحُفرِ ببقَايَا الكِلابِ…

 مَع رصْدِ للبهَارَاتِ ومزِيدٌ منَ الملحِ

في صِحتكَ يا كَلب..

 

.الَّليلُ

 حينَ يُمسكُ السَّماءَ بالأصبُعِ المُثلجِ

يسْخرُ منْ جَماليةِ الشَّيءِ

من الوَردة ِ الحَمرَاء وهِي تستَجِيبُ للذُبُول فِي كفِ عاشِقةٍ

 منَ الوَادِي حينَ يتمَدَّدُ فِي مجِرَاه

 صَوب المُستنْقعِ

منَ القمَرِ فِي اكتِمالهِ

 فَوقَ سَطحِ بُحيْرةٍ

نَائمَة

 بيْنَ جَبلينِ منْ فَحمٍ….

 من طفلةٍ مُعجَبةٍ تتسلَّى بضَفائِرهَا

جَنبَ رَاعِي بقَرٍ

 محْكُومٌ عليه بالمَوتِ غَدرًا …

منْ قَنَّاصٍ أسْقطَ  طَريد َتهُ  بِغمزِ العَينِ

 ثُمَّ أخْلَى سَبيلَها لكَلبهِ

 فعَاد خَاوِي الوفَاضِ إلاِّ منْ أغْنياتِهِ الحَزينةِ…

مِن شَاعرٍ أفاضَ فِي وَصْفِ حُبهِ للْوَطنِ….

 فَباتَ مُقيَّد اليَدينِ

هَيَّا زَغرِدي أمُّ الثُّوارِ ….

اللَّيلُ ليسَ ليْلُنا …

والعَهرُ ليسَ منْ طَبعِنا…

ونحْنُ فقَراءَ العالَمِ الأحرَار…..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!