بصرى ترنيمة عاشقة /فائزة الرشدان

لست من بصرى ولكن أواصرنا واحدة والجذر واحد …وخير سهل حوران الذي أكلنا منه واحد
وحبل السرة عند أهل الشام يبقى موصولا …مهما امتد الزمن …بكل قطعة من سورية الحبيبة
.هي إسكي الشام بأثارها وأوابدها الرومانية واليونانية ومنارة حضارة الأنباط والرومان والبيزنطيين والأمويين
و التي تمتد عدة عصور تعود لآلاف السنين التي تغفو أحلامها على سرير بنت الملك وهي تقص قصيدة للزهر.. للورد.. للحب.. للكون ..
تعود ذكرياتي مبهمة الغموض لوقت زيارتها في احد رحلنا المدرسية التي انطلقت من العاصمة إليها..
لازلت أحتفظ بذاكرة طازجة لكلِّ دهشةٍ التمعتْ في أجوائها ولكلِّ دفءٍ جذبته عتبات الحنين من خُطَى العابرين عليها
عندما وصلت إليها شعرت وكأنني أعانق هيبة التاريخ الذي يتجلى بتفاصيلها بشوارعها المرصوفة.. و مبانيها الرومانية وأقنيتها الاثريةوآثارها التي تعيدك إلى الزمن الغابر مع حجارتها العتيقة الموغلة بعبق الماضي والتي تروى الكثير من الأساطير وتداعب خيال الزائر ومشاعره
أردت أن ارتشفها قطرة قطرة.. ثملت في عبَقِ اللَّهفة وحضنِ الاحتواء وجنون الأمكنة وأسرتني رائحة الحقول الخضراء . . والسهول الوارفة . .
وانبهاري بها جعلني أمشي ساهمة في منعطفاتها بلا تعب أو ملل ،،أحلام ،، تصورات ،، أسماء وهويات
وانا أرنو إلى مسرحها الروماني أكبر المدرجات الرومانية اكتمالاً.. أو سرير بنت الملك واسطورته إلى قلعة بصرى.. باب الهوى.. المسجد العمري… الجامع الفاطمي.. الباب النبطي. والكثير من التراثيات التي لاحصر لها..
كنت احتاج لصهوة ريح امتطيها حتى اصل الى هذه السمفونية الجميلة.. والملحمة الزاخرة بكل الأشياء الجميلة
هذه المدينة جامعة الحضارات لا يكفيها وقت لتعيشها بل تحتاج أياما لوقفة عند كل ممر من بين تعاريجها..
لم أكن أعلم أن القدَرَ سيحمِّلُني طائفاً من الذكريات وبطاقات الحبِّ البنفسجية .لبصرى الحب بسرها الإلهي الذي يحفظها أبية عصية ممشوقة القوام وعلى مدى العصور وبتاريخها
الموغل في القدم …
ولكن في الوقت نفسه مؤلمة.. لمن عايش الحقبة القريبة الماضية وذلك بسبب التغيير الواضح والذي أطاح ببعض تفاصيلها

كنت أتمنى أن تتزين الكلمات بعقود الياسمين وأكاليل الورد الجوري الدمشقي وهي في حضرة مدينة الجمال.. لكن لم انصفها مهما فعلت ولن تكفيها الحروف لأنها أنفاس التاريخ وآثار الغابرين / العابرين ..
*ملاحظة:
_________
بصرى الشام مدينة أقصى جنوب سورية، تقع شرق مدينة درعا ب ٤٠ كلم. ويطلق عليها (بصرى أسكي شام). والأسكي كلمة تركية. تعني المكان المرتغع.

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!