درعا البلد العراقة- المهندس قاسم الحوشان عياش – درعا – سوريا

خاص لصحيفة آفاق حرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

درعا البلد العراقة والتاريخ
حاضرة حوران (الجزء الأول)

– سميت بالهيروغليفية : ( أتارعا ) 2800 ق.م
-ثم أسماها الجغرافيون العرب : ( أذرعات)
– ومع تعاقب الأجيال تحول إسمها إلى ( ذرعات ) ثم إلى ( ذرعاه أو ذرعا ) حتى انتهت إلى ( درعا )
اصدقائي الأعزاء :
مدينة درعا من المدن القديمة وتعد من أقدم المدن العربية وليس من السهل تحديد الفترة التي سكن فيها الإنسان، لكن التحريات الأثرية القليلة أثبتت وجود مدينة قديمة بائدة قائمة تحت المدينة الحالية ،وتتألف من شبكة واسعة من الممرات والمساكن والغرف.
وقد سكنها انسان الكهوف في العصر الحجري الحديث من الألف السادسة إلى الألف الرابعـة قبل الميلاد.
وتدل الأدوات التي خلفها الإنسان على معرفته بزراعــة الأرض وتربيـة الحيوان واكتشاف صنع الفخار،كما استخدم الألوان وصنع الخيوط وتبادل مع جيرانه المحاصيل الزراعية والمصنوعات.
تعود أول إشارة مكتوبة تذكر مدينة درعا إلى رسائل تل العمارنة المكتشفة في مصر عام 1882م، وتعود هذه اللوحات إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
كما ورد اسم المدينة في “التناخ” وبعض الشواهد الأثريــة التي تدل على أن المدينـة كانت عامـرة في الألف الثالث قبل الميلاد.
((التناخ احد الكتب المقدسة لدى اليهود))
وبحسب روايات التناخ، فإن الأموريون هـم أول من اســتقر في أرض حوران ووصفت التوراة الأموريين بانهم مثل الأرز طــولاً ومثل السـنديان قوة، كما وردت أول اشــارة إلى الأموريين عند سرجون الآكادي (2250 ق.م) .
وجاء في التوراة أن عوج ملك مملكة باشان كان من ســلالة هؤلاء العمالقة وكانت مدينة أذرعي (درعا الحالية) هي العاصمة.
اصدقائي :
أعرض مشاهداتي الشخصيه :
عن بلدي درعا البلد لأن درعا المحطه بناء حديث سميت كذلك بسبب محطة القطار التي تتوسطها .
فأنا لست اخصائياً بعلم الانسانAnthropologyولا بعلم الآثارArchaeologyولا علم السكانDemography ولاعلم التاريخ History .
لكنني هاوٍ لقراءته والغوص في مكنوناته من باب الفضول وحب التعرف على تاريخ هذا البلد الذي نقطنه وتسترنا بيوته وننعم بخيراته منذ نعومة اظفارنا ومن الواجب علينا ان نتعرَّف على تاريخ ماضيه كوننا نعرف النذر اليسير من حاضرنا
قرأنا جميعاً ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طرد يهود بني النضير من المدينة المنوره الى أذرعات ونتساءل لماذا درعا اهي كانت منفى لبعدها ام ان هناك سبب جعل رسولنا الكريم يقصيهم الينا وما كان ينطق عن الهوى ان هو الا وحيٌ يوحى .وذلك في شهر ربيع الاول من السنة الرابعة للهجره بعد ان تم له الغلبه عليهم في غزوة بنو النضير .
قال تعالى في كتابه الكريم :
{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }2 الحشر .
حملوا متاعهم وذراريهم على ست مئةٍ من الابل وارتحل القسم الاكبر منهم الى ادرعات .
درعا البلد أذرعات او أذرعي (بلد الكهوف والمغاور)
نعم انها تقوم على كهوف جيريه متواصله تقسم الى احياء كل حي يفصله عن الآخر نفق ضيق للتواصل
قد يتساءل البعض ؟
كيف عرفت ذلك !!!!
كانت خطوط الصرف الصحي غير موجوده في مدينتنا والكل يعتمد على الآبار المحفوره في الصخر الكلسي لتأدية الغرض .
ولمحاسن الصدف انتقل الحفار النصيبي من بيتنا بعد ان اتم حفر البئر الى بيت جيراننا وهرعنا الى بيت الجيران على صيحة النساء
لقد وقع النصيبي في البئر بعد ان حفر 50 سم فوقع به سقف المغاره التي يحفر فوقها دون ان يعلم ان تحته حيٌ كامل من الكهوف .
الفضول وحب اطلاع واحاديث الكبار عن ان حيينا اثري وكم وجدوا من اسرجة الاضاءه الفخاريه (سراج الغوله )لهذه الكهوف وطمعاً في ايجاد لقيى اثريه تنعشنا مادياً .
نزلت وصحبي من هذه الفتحه وكان عمقها 3 امتار اخرجنا النصيبي وكان سليما عدا بعض الرضوض وتجولنا في الحي التحت ارضي غرف كلسيه مقنطره متواصله مع بعضها في الحي الواحد يفصلها عن الاحياء المجاوره نفق ضيق ندخل فيه بانحناءة الركوع للصلاة وبعض الغرف في قاعها بئر عميق وفوقه فتحه (روزنه )مطويه بالحجاره على شكل بئر فوق سطح الارض لتجميع مياه الامطار فيه .
سألنا كبار السن عن مدخل هذا الحي فأجابوا انه باب حلس حجري مطمور الى الشرق على سفح وادي الزيدي وهناك باب آخر الى الجنوب
ب300 متر على مايبدو لعشيرةٍ أخرى .
***

مدخل المملكه التحت ارضيه الرئسي تم طمره واشادة روضة آذار للاتحاد النسائي فوقها قنطره بازلتيه كما هو باب الهوى في بصرى بالشكل تماماً وبحجم أصغر قليلاً تؤدي الى باب حجري ابعاده 2متر ب1.20م .
دخلناها اكثر من مره وسبرنا اغوارها ولم نستطع الولوج فيها اكثر من 500 متر لخوفنا من الآبار داخلها وكثرة الردميات فيها وقال لنا بعض كبار السن ان هذه الغرف المتلاصقه تصل الى حي الكرك تحت الارض مارةً بحي الجامع العمري وحي السيبه ثم حي الكرك .على مساحة كل هذه الاحياء
الى الجنوب من مدخل هذه المملكه تل عمان كان على ايامنا يسمى (مزبلةعمان )للنفايات اشيد عليه مسجد ابو بكر .
في سفوح هذا التل من الجهات الاربعه مقابر او فساتق مكتشفه وغير مكتشفه واخص بالذكر مقبره اكتشفها سائق بلدوزر كان يجرف بقايا مقالع للردميات تأخر سائق الشاحنه الذي كان يعمل عندي اكثر من ساعه رغم ان مكان عمله يبعد عن بيتي 300 م فسألته عن السبب فأجاب ان البلدوزر كشف مقبره وحضر الاجهزه المختصه واغلقوها .
في اليوم التالي دخلناها بعد ان فتحت ليلاً كانت تحفةً أثريه باب حجري (حلس) من الجنوب يخفي داخله غرفه مصقوله فيها على ارتفاع متر ونصف من قاعها 12 قبراً متلاصقه من الشرق والشمال والغرب على شكل دروج مفرغه في الجدران
والأهم اللوحه الرخاميه ذات الابعاد
50ب40 مكتوب عليها بالخط الاحمر القاني وكأنها كتبت اليوم رغم مرور آلاف السنين عليها بلغةٍ لم نفهما وعلى مايبدو هي اسم الميت وتاريخ وفاته
كان حول هذه المملكه مقابر كثيره (فساتق )في صغرنا دخلناها ولا زلت أذكر اسم الذي اول من دخلها واخذ براءة اكتشافها بكتابة اسمه على سقفها الصواني بهباب فحم فتيلة القنبور الذي يرشده في عتمة الفستقيه .
نتجه شرقاً حيث سور درعا الأثري يحاذي مدرسة البعث متجهاً غرباً الى باب الملكه المذكور وشمالاً الى باب صغير يشابه باب المملكه لكنه نسخه مصغرة عنه اسمه باب الشيخ واصل وهو على بال مقبرة العباسيه الآن وقد اندثر ونهبت حجارته البديعه من قبل اهل الحي للعمران
يتجه السور غرباً ليلتف حول الجامع العمري ويجه شمالاً نحو الزقنانه
وهي حمامات رومانيع عميقه تحت الارض ومكشوفع عمقها اكثر من عشرين متراً تتغذى من قناةٍ فرعونيه تأتي من منطقة جامع ابو بمر في الجنوب نزولاً شمالاً اليها ومغطاة بالربذ وكما قال لي احد سكان الحي انهم اكتشفوها في دارهم وما زالت المياه تجري بها الى اليوم وحولنا عليها مياه الصرف الصحي دون ان نبلغ السلطات المعنيه عنها لكي لاتصادر دارنا وما حولها لمديرية الآثار
البوبريه (دار الاوبرا) غرب الجامع العمري بعشرات الامتار غنيةٌ عن التعريف . الى الغرب منها مزبلة بجبوج اشيدت عليها مدرسة بجبوج الاعداديه شمالها مباشرةً بيت المرحوم احمد نتشه الخليلي مدخل بيته يبعد عن الشارع العام حوالي 20 متراً بخلاةٍ عرضها 3 امتار وعلى اجناب هذه الدهله من الغرب والشرق كانت الرانات الحجريه متلاصقه وكانت قديماً توابيت للموتى لها اغطية حجريه لاأبدع ولا اجمل من زخرفتها بعناقيد العنب ومجسماتٍ للموتى وبعضها مجسمات رؤوس اسود .
تحت فسحة البيت من الداخل وفي يمين المل سيح كلسي متسع على مايبدو كان للسكن من طريقة صقل جدرانه والى الجنوب منه مقابر ثلاثية القبور تماماً كالتي في خربة الميسري التي تحدثنا عنها.
خارج سور درعا باتجاه الشرق منطقة الحمام الروماني في المنخفض تحيط به ثلاث عيون عميقه كان كل الحي الشرقي من درعا يشرب من احداها وهي عين الطويله على رأس مثلث متساوي الاضلاع وعلى الرأسين الباقين عين خانتني ذاكرتي متذكراسمها والثانيه تسمى عين البقره وتقع قرب باب القريه الجري الذي سبق ذكره في بداية المقاله
الى الشمال من الحمامات وفي السفح الشمالي المطل على الجنوب هناك مغاره قديمه حدثني صاحب البيت رحمه الله انها عميقه جداً في الجبل وحين دخلها وجد هيكل عظمي لشخص مقيد بالسلاسل وهو نائم ويداه مفتوحتان وكذلك قدماه وفي كل منها قيد
اصافه الى جدار على اليمين والشمال ارتفاعه اكثر من متر رتبت الهياكل متعاكسه به رأس الى قدمين
وادي الزيدي في درعا مليء بالعيون التي كانت تشرب منها درع اولها تحت حينا عين الطويله يليها شمالاً
عين زرزير يليها غرباً وقرب الجسرين
جسري الاحزان الفاصلين بين درعا البلد والمحطه عين المالح وغربها عين ام الجلود وعلى رأس مثلث متساوي الاضلاع شمالاً شمال سوق الحلال القديم عين الألمان لاأعلم سبب تسميتها لكني اعرفها عمقةً كباقي العيون لها درج حديدي مغروس في جدرانها على شكل حدوة حصان ونتجه في وادي الزيدي غرباً متجاوزين الجسر الثالث الى منطقة الثعيلَّه حيث خربتها ومعبدها ومدافنها وآبار.

 

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!