قطعة سكر / بقلم : محمد ربيع حماد

“قطعة سكر تكفي لتحلية البحر”

بمثل هذا ألفنا الوهم

واسترحنا من صداع الحقيقة

لم تعد أرواحنا مبثوثة في فضاء ما

تتلمس مرور أطيافكم

وزينتكم التي لم يخلق مثلها في البلاد!

لم تعد قلوبنا واجفة

تنام وتصحو على أذكار التوتر

تلك العادات البائسة

التي كانت دائما تشعرنا بدفء غامض

باتت الآن تجلب السأم!

يحدث أن يهاجر شخص ما

فتقول أم: هاجر بعضي وكلي يشتكي

ويحزن خل إلى وقت ما

ويقول عاشقان لن يجتمعا في فراش أبدا

: “صبابة تطهر الروح خير من نكاح يقضي الوطر”

ويقول صاحب ذكرى ملعونة بالتمدد

: قطعة سكر تكفي لتحلية البحر

في الوهم برزخ

يشبه ذاك الذي نعرفه بعد الموت

يكون شعورك فيه بين بين

تحس الأشياء جميعها

ولكنك نسخ لا أكثر

تشبه انعكاسا في مرآة صامتة

وحيث أنك بين موت وحياة

لا تملك من المعرفة

إلا ما يقذف بمخيلتك المشتتة

من اوهام مستحبة

ديسبمر الذي أعشقه أكثر من (اللينزا)

تنكر لي في آخر نسخة منه

خلته وحشا

فكان أقسى من أعوام الثورة العجاف

أحيانا أريد التحول إلى اللاشيء

أن أذوب مثلا في العناصر الأربعة

الماء والهواء والتراب والنار

حتى تتشابه على قلبي الفصول

ومن ثم يتلاشى الزمن

وبصحبته كرة حساسة كانت لي

جميل انا هكذا بدون رأس

كنت أحملها مجبرا ويزداد ثقلها تدريجيا

كأنما تتعاطى كل شيء تصادفه

أو أصير حيوانا

لا يسمو إلى مرتبة الوجود الميتافيزقي

نشبه الحيوان في أشياء كثيرة

كلانا يمرض وتنزل به الكوارث ويموت

كلانا يشعر بالجوع والعطش

لكن الحيوان بمأمن

لا يتصور تلك الأشياء في مجردها

قد نموت من الوهم

لمجرد سماعنا كلمة “مرض”

نتخوف من غلاء الأسعار ونقص الغذاء

فنتقاسم قلقنا

على ما ئدة لم يذكر اسم الله عليها

أرأيتم حيوانا ينعى هما قط !

كما نفقد أحبابنا

الحيوان أيضا يشعر بهذا الفقد

لكنه لايدرك تبعات هذا الحدث

لا يأكله قلبه حزنا

ولا يقرح جفنه بكاء

ولا يقض مضجعه فراق

في الوهم تسعة أعشار السعادة

نراه في غناء المطربين الأكثر صدقا

نراه في القصائد

وعبارات الشعراء

التي تقطر كذبا وحلاوة

في الوهم حرم للفضيلة

وميثاق للنزاهة

وإمارة للشعر

وأناس غريبي الأطوار

لا يزالون يبحثون جدوى

ارتقاء مثقف إلى درجة شاعر !

في الوهم أبواق وأجراس ومآذن

ومنابر مدعومة بتفويض أحادي

تجهر بالحرية !

في الوهم نداهة

تسمع أو تحس ولكن لا ترى

في الوهم نكون كما نريد

ويكون لنا العالم كما نشتهي

وفي الوهم يعفو الله عنا

وعلينا السلام

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!