أنثى مختلفة / بقلم الشاعر الشةري سليمان نحيلي

منذ نعومة شقاوتي ،يراودني هذا الميل الحادّ للتّلصّص على الحقائب النسائية الخاصة ،وتفتيش محتوياتها .

ربما بدافع الفضول ، أو لرغبتي بالبحث عن المختلف..عن أنثى مختلفة أو هوية مختلفة ، ألم تقل لي ذات لقاءٍ قبيل الحرب : أنّه في حقيبة المرأة يكمن سرّها وشخصيتها وعالمها الخاص .؟

وربما لهذا لم تمكنّي يوماً من ذلك .

ومن يومها وأنا مولعٌ بالبحث عن ذلك السرّ وذلك الاختلاف …

وها إني اليوم أعترف ،أنه لم تنجُ حقيبة امرأةٍ عرفتها مني .

ولطالما كنتُ في مغامرات تلصصي وبحثي أجد حُقّ عطر ٍ ،ومِيلَ كحلٍ ،وأحمر شفاه ٍ،أو حتى علبة ماكياج تفي بالغرض ،ومناديلاً وكتاباً عن العشق ،و زجاجة ماء ٍ صغيرة ،ودفتراً  عليه تواريخ ٌ وأرقام .

كانت الأشياء على اختلافها الشكلي متشابهة المعنى ، حتى بدأت تتشكل لديّ القناعة بأنه كل من تشفع لهنّ نون ُ النّسوة ِ متشابهات ، وأن ذاك الاختلاف الذي أبحث عنه محض وهمٍ ،إلى أن داهمَ ولوعي ذاكَ حقيبتُك ِ التي نسيتِها ذات محطةِ قطار ٍ ليليٍّ ..

فتحتها بحرفية ِلصّ وأناقةِ عاشق ٍ وفضولِ باحث ٍ ..

فتحتها..

فلم أجد علبة ماكياجٍ ولاميل َ كحلٍ ولا أحمر شفاه ٍ ..

وجدتُ قوس قزحٍ بكامل ألقه..

ولم أجد حُقَّ عطرٍ ..

وجدتُ ربيعا ًزاخراً يحبو بالورود..

لم أجد زجاجة ماء..

عثرتُ على نهرٍ يجري ..

لم أجد دفتراً بتواريخ وأرقام…

وجدتُ السنة َ بشهورها الإثني عشرة محتشدة ً ..

لم أعثر على مناديل

وجدتُ غيوماً مكدّسة ..

ولا وجدتُ مرآة ً صغيرةً..

كان قمراً في عزِّ البهاء ِ..

ولاكتاباً عن العشق ِ..

وجدتُ سطوراً من شجرٍ  ورفوفَ عصافير ..

استفقت ُ من شرودي في الحقيبة على صافرة القطار ..

تبعتها مسرعاً لأُعيدَ لها مقتناياتها الشخصية ..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!