ها أنتَ / بقلم : سعيد العساسي/ المغرب

ها أنتَ،

كلما توغَّلتَ في مربَّع الحياة

بين حركة وسكونْ

وأن لا تكونْ

نَبتتْ تحت أقدامك الحاجات، حتّى لكأنّك في غمرتها مخمور في حانة لا تفتح أبوابها أمام المرآة ، ولا يطُوفُ بها المارَّة

أو تُعْوزُها الإستجابة.

تقعُ يدُكَ في الحِنَّاء كمَنْ يُلقي السّلامَ

يدك المُخَضْرمة الممدودة بِالمِراسِ، تكتسب جاذبية المعادن، يصعد من أصابعها طعنات الدهر ، وصُروف ميزان الذهب ، ويتلاشى في خطوط كفِّها الكَنْزُ الكامِنُ.

يَدٌ كَلَّمَها المِنْجَلُ والمِطْرَقَةُ، سَاوَرَتْها حكاية الخلق وأسطورة التاريخ والرموز

آن لها أن تكتب عن شجرة النسيان والدماء التي تجري في العتْمات

يدُك المُخضرمة المُحْضِنَةُ لرفقة الطريق الشَّاقِّ لِلأَبْعَادْ.

بماذا ستخرج من صحراء مستباحة

وضَبِِّ يستلقي تحت ظِلِّ حَجْرة

وهيكل ناقة نافقة بلا أطرافْ

 

ها أنت

يُذكِّرُونَكَ بالبحر المتوسط، فتنسى قوارب الموت

يَسْتَعْدُونَك بالرصاص، فتُدْمَى الهوية بالمياه الإقليمية

 

ها أنت

يَسْتَفْتُونَكَ عن الرّحيل ، فتَأْبى الكلام

يُعجِّلُون بالسّراب، فتُصاب بالذُّهول

 

ها أنتَ

يدك في فتنة الأسماء

لكنَّك تُغَلِّف الصِّفات

بعدد الصفحات

تعال إلى جَبْهَاتِ معارك وفتوحات تتبادل الأسرى مثلما يحدث في الحرب الباردة

تعال إلى هَوْلِ ما تحمل الكلمات وهي تهوي

في الأمكنة المهجورة والبحار المسجورة وأرصفة النزيف

تعال، دوائر الزمان موصولة بفجيعتك

أنتَ الذي

 

ما من ليلة باردة إلاَّ ومنَحتْك جوعها ويُتْمها الأبويّ

ما من حرف إلاَّ ونفَث في سبُّورتك أصوات كاسيات عاريات

 

 

ها أنتَ، ها أنتَ

لم تزَلْ مَشْمُوما بين نِثَار الأَزْهَارِ

وانتفاضة الغَابِ

هِيَ أنْتَ

 

بِالذَّاتِ..والصِّفاتْ.

 

ها أنت

جحيم أخرى تتقد من تحتك

وأنت تتمرغ في رماد النداءات

لست في هوس ولا يسلبك التيه،

إنه هو، إنه هنا،

جسد يختزل النار الزرقاء

بخار ماء صنديد يتقطر من أنامله

يؤنث المكان بخرافات الشهوة الفاتكة.

 

ها أنت

في حضرة المواكب،شمعة، في احتراقها يعبر الآخرون.

 

نصغي إلى مراجل دمك في فورة الأدخنة

مثل فحم يرتوي بنار مهيلة

 

ها أنت

ترنو إلى الثقوب السوداء كأنها في الحلم البعيد

وكلما ظفر عرق الجبين من ضمير

راح الطغاة يهججون زوجاتهم تحت قصف المتعة.

شبح يطيب له أن يسكنك بهواجسه

من طبيعة الآخر إلى عبق الولادة

وتسنح لك الصدفة أن تسأل: آخر أم جحيم

وتسنح للأقصى أن يفقد المناعة

ويموت.

 

يخطئ الخطة

كأنه وجه الخطيئة المربكة للخطى

كأنه صوت الذاكرة موشومة بملح الأعالي

وأنت

كأنه هو

 

ها أنت

كيف، ترى إلى كتائب الظلام تقود جوقة المبصرين إلى الكلام المريض بالنجم الشارد

وأنت

في شرك الهوية

لا تنتمي ولا منتمي

ويغيض الوطن من وجنتيك.

 

ها أنت

ذوبان أنساغ تتناسل، تتجاسر على شبح شاعر يكاد يكون شبحك، وصوتك يتقطع من النفس. ترى،

وتسمع

الخطوات تتهدل على أوهامك السكرى

ويحكى أنك جئت هل أنت؟

ويحكى عنك اللغة هل أنت؟

 

ها أنت في جبة البهلوان تستحضر

أرواح الأسئلة المبتلة برائحة الزعفران

تستدعي فتاتك المتقصدة

مثل سمكة في قفص من زجاج

وترسم دائرة لبحر مفرغ من الأعشاب المرجانية

هل تسمع نداء مدويا يهدر بك:

تشبت بوحدتك

 

تذكر؟!

قلت لي: أية قصيدة هذه التي تلج بنا إلى العوالم!

وكانت كل الأوتاد مشدودة بها.

وقلت: حين أصل سدرة المنتهى

سيكون الدم الهارب كفيلي.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!