خَيْمة أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّة…وطريق الهجرة

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

 

تعجز ريشة الفنان مهما كان أن يبرز صفات الرسول صلى الله عليه وسلم …الخِلْقيَّة والخُلُقيَّة….
وتقصر ألفاظ البيان دون وصف جماله صلى الله عليه وسلم… في حُسْن الشكل والأخلاق….
والشعر والشعراء والأدباء قصرت هممهم الإحاطة بكماله صلى الله عليه وسلم ،ولم يعطيه حقه في الوصف من البشر أحدا أيان كان؟؟؟؟
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني*** وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ *** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
وقد وصفه رب العالمين في محكم التنزيل في أجمل تكوين قال الله تعالى “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم”””””
كنت أسال نفسي لماذا كان العرب يبعثون بأولادهم ليعيشوا في أحضان صحراء البادية رغم قسوتها وجفوتها وقلة مواردها، وحرارة أجوائها فأدركت ذلك متأخرا !!!!!
أنه لم يكن إلا لصقل مواهبهم ،وسلاسة ألسنتهم وفصاحة لغتهم، وخُشُونَةُ أظفارهم وخفة أجسادهم،
فالبادية مكان وموطن الفروسية وميدان خيلهم وأبلهم ، فيها دماثة أخلاقهم وصفاء أذهانهم، وسعة مداركهم وزينة مرابعهم وحسن صفاتهم منها وفيها يرضعون الشهامة والكرامة والصحة والاستقامة… ليتربى أبنائهم في أحضانها فينشأ الولد فصيح اللسان، قوي المراس، بعيدًا عن الامراض والأوبئة إذ البادية كانت معروفة بطيب الهواء وقلة الرطوبة وعذوبة الماء وسلامة اللغة والغذاء ،.
وكل صفة من هذه الصفات أعلاه هي عنوان لهم في الكرم والطيب فجمعوا بين:-
الخيل والليل والبيداء…والسيف والقرطاس والقلم….فصاغوا لغة البيان…وهكذا نزل عليهم إعجاز القرآن…
في هذا الصفاء والنقاء وطهارة الثرى وزرقة السماء في نجومها وقمرها وغيومها….
وفي وضح النهار في بيداء منقطعة النظير ملتهبة الهجير يخدعك فيها السراب مع حركة الكثبان الرملية …
كانت بداية طريق الهجرة النبوية طلع بدر نور وهداية مشرقة على أرجاء المدينة المنورة رحمة للعالم …
ومن بين فجاج جزيرة الصحراء العربية يظهر لك من بعيد في وسطها خَيْمَةِ أم معبد في ذلك المكان بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بالقرب في قرية قديد تبعد عن مكة مائة وخمسين كيلو تقريبا شمالا…
حيث يأنس الغريب أو من انقطعت به سبل الطريق إلى واحة أمان ليتزود من تلك الخيمة بالطعام والشراب ولو نزر قليل وقد حفت الخيمة البركة وغشيتها الرحمة وتنزلت على أركانها السكينة بقدوم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم……………
وبين هذا وذاك سلم رسول الأنام على أهل ذلك المكان فأنار حولها بنوره وطهارته الزمان والمكان، ،،،،،، فبانت من أطراف الخيمة امرأة عَفِيفَةٌ عَاقِلَةٌ شريفة في قُوَّة وَصَلَابَة جفاء البادية ملامحها سمراء صقلتها شمس البيداء…
… وتَفَتَّقَت قريحتها برؤية النبي محمد عليه الصلاة والسلام …فإذا هي أديبة راوية تعرف الأنساب والأحساب والصفات مملوحة بسمرة وممشوقة كغصن البان تملك ذهنا صافيا كصفاء سماء الصحراء،
فهي تملك لسانا يقطر شهد الفصاحة والبيان والرصانة والرزانة والراجحة في العقل دون الخيال ،،،،،،،،
فرحبت بالرسول وصحبه الكرام، بكل أدب وحشمة وكرم أخلاق ووقار واحْتِرام
وقالت مرحبة :- حللت أهلاً .. ووطئت سهلاً ضيفنا الكريم
هل تعرف من تكون هذه ؟ أو سمعت بها من قبل ذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إنها أم معبد الخزاعيِّة عاتكة بنت خالد بن منقذ أخت الصحابي حبيش الكعبي رضي الله عنه
فقد اختارت خيمتها في كبد الصحراء المعروفة بصاحبة الشويهات العجاف اللواتي أصابهن القَحْطُ والجَدْبُ والهُزِلَ من قلة الطعام في سنة شهباء………….وإلى لقاء آخر مع أم معبد

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!