رسالة بين جندي اردني وقائده

هذا ما نقله الدكتور اللواء اسماعيل باشا المراحله الشوبكي عن اللواء ظاهر باشا الطراونه رداً على رسالة الوكيل خلف التي كان  قد نشرها  الكاتب  محمد  بوعوني  الطورة  سابقا … اقول لكليهما… نجوع ويبقى الوطن
الرسالة : 
من – الوكيل متقاعد خلف سالم محمد
الى: قائد الكتيبه ظاهر بيك المحترم
بعد التحيه
سيدي :
أكتب أليك رسالتي هذه والعتب يملء دهاليز صدري ، عتب المحب لمحبه ، عتب الايام لفسحة الأمل ، عتب البندقية للوطن ، عتب القابضين على جمر الصبر رغم نفاده ، عتب التحية العسكرية للجبين الأسمر ، عتب الحدود للعسكر ، عتب الخوذة للخندق … .
سيدي
تدربت على يدك أن أبقى دائما خارج المدى المؤثر لسلاح العدو ، أن أبقي مسافة كافية من الإحتراس بيني وبينه ، أن أنتبه وأحافظ على قوس الرمي المخصص لي وان لا يؤتين من قِبلي ابدأً.
عتبي يا سيدي انك لم تذكر لي يوما كيف احمي نفسي من عدو ظهري ، سبب قهري ، صانع فقري و جوعي ، وظلم عوزي ، لم تذكر لي اثناء التدريب أن هناك عدو لا يحمل بندقيه لكنه يحمل قرار ، يستطيع إقتناصي من مكتب فاخر في عمان وأنا في أقصى الجنوب ، لم تدربني كيف أقلص نفسي اذا ما زاد الغلاء ولم يعد تقاعدي يكفي لسد الرمق .
سيدي
لقد اخبرتني أني حارس الوطن الأمين من الهضبة للعقبة ، وأن بناتي وبناتك وبنات الوطن يجب أن تتنقل بإمان دون خوف من متربص أو خساسة من متحرش ، أخبرتني أن الوطن وممتلكاته ملك لنا جميعا بنفس القدر والاستحقاق ، وأنني مميز بين الشعب فشبابي لن يذهب هدراً وانه ينتظرني تأمين طبي ، ومقعد لتدريس اولادي في الجامعه ، وراتب يكفي ان لا أمد يدي لأحد ، عتبي أنك لم تخبرني ، أن ثمن قميص ولد من اولاد من نؤمن لهم الأمن اللازم ولعائلاتهم ولأملاكهم والتي هي من بعض ما نهبوا من املاكي تعادل راتب شهر لي ، وأن الوطن ليس ملكي وممتلكاته ليس فيها نصيب لي إلا أني أغذيها بكل راتبي ، وعلاجي وتدريس اولادي لا تجعل من مميزاتي شيء يذكر امام ما ينهبون .
سيدي
انت قلت لي أن إسرائيل لا تملك عمق استراتيجي ، وانهم أجبن خلق الله ، ولم تذكر لي ان كل الوطن العربي عمق لهم ، وغازي وطعامي ، وشرابي وهوائي يأتيني منهم ، كيف لي يا سيدي أن أرهم عدو كما أوهمتني وبعض من فقراء وطني يحلمون بالعمل لديهم .
سيدي أنت كذبت عليّ… ..و عتبي بحجم كذبك ، وقهري أنت جزء منه…
لا ارغب بأن أكرهك… . لكن لا تكذب على أحد بعدي
والسلام .
الــــــــــرد :

رد على رسالة الاخ العزيز الوكيل خلف المحترم
بسم الله السميع العليم
أخي ورفيق الدرب الوكيل خلف المحترم …وصلت رسالتك وابكتني وبعثرت مابقي مني..لك العتبى فيما تعاني منه…. فأنا وانت اخترنا الدرب الوعر…. أحببنا الوطن ولازلنا بعمق وبطريقتنا التي لا تعرف الزيف ولا الخداع ولا المصلحة… كل مايهمنا أن يبقى الوطن حتى لو لم يبقى منا احد ….انا وانت وصحبنا ..والله ياأخي لم اكذب عليك ….ولم أقل لك إلا ما أؤمن به وتؤمن به انت ولازلنا ….وحملنا بندقيتنا معا نوجهها لكل من تسول له نفسه المساس بالوطن لكنني والله على مااقول شهيد انني لم اكن اعلم او اتوقع ان خلفنا من سيطلق النار علينا غدراً ويغتال شخصيتنا وصبرنا ويسرق قوت ابنائنا في الوقت الذي كنا ندافع عنهم وعن ابنائهم …والا لكنت حذرتك وحذرت نفسي ..فها انا اقيم خارج الوطن الذي أحببنا مرغماً …التمس الدفء والعيش بكرامه بعد ان ضاقت بي كما هي بك .لكنني لن اكفر بالوطن مهما اساءوا لنا لازال فيه مايستحق …والوطن ياخلف ليس هم… الوطن أسمى من كل الذين أشرت لهم ….يكفيني وإياك اننا لن نورث أبناءنا الخذلان ولا الخيانه .. نعم اورثناهم الفقر لكننا ابقيناهم عزيزي النفس .. نعم بهم خصاصه لكنهم لا يسالون الناس الحافا وأؤكد لك ان الله سيحاسب كل من أكل حقوقنا …وسيُسألن يومئذ عن النعيم ….ألم نكن نصلي معا ونطلب الله الرزق ونحن نفترش الأرض ونلتحف السماء وعيوننا تحرس الوطن وحدود الوطن وهم نائمون …. الم تكن اقصى رفاهية ممكنه لي ولك ان نعمل قلاية بندورة نتحلق حولها بجانب دبابتنا مسرورين بها بعد يوم شاق من المعاناة والشوق لرؤية ابنائنا وقد نسينا اشكالهم لطول الغياب عنهم تصيبهم غصة في الحلق وهم ينظرون بحسرة لاقرانهم وهم فرحين بآبائهم …الحمد لله على كل حال …..الم تعلم بأن الله يرى وسبجزي الله الصابرين …قد تعتقد أنني لازلت اكذب عليك ..انت أسمى واطهر من كل الذين نهبوا خيرات الوطن فهو مال حرام سيسألهم الله عنه ولن نقبله حتى لو اهلكنا الجوع نحن واطفالنا ..إنني أدرك ماتعاني منه امام أبنائك ودراستهم وعيشهم وضيق ذات اليد وموقفك العاجز احيانا امامهم كأب ….فأنا مثلك أؤمن رزقهم حينا ولا أستطيع أحيانا كثيرة وكما عرفتني… الم تعلم بانني تعلمت منك كيف يكون الجندي طاهرا نظيفا لايغدر بالوطن …نعم ياخلف لازلت مصرا على ان اسرائيل عدونا إلى أن تعود فلسطين حتى لو تراءى لها أن عمقها أصبح كبيرا أو ساعدها أحد على ذلك سنموت انا وانت ونحن مؤمنين بذلك حتى لو لم يقتنع غيرنا و لكي لايقال عنا ياخلف أننا قمنا بخيانة الوطن …..لك الحق أن تعتب وتنعتني بما تريد من اوصاف لو كانت حالي أفضل منك .. فكلانا في الهم شرق وبي مما رمتك به الليالي جراحات لها في القلب عمق .. والله يااخي لم أقل لك الا ماأؤمن به ..ولم اخذلك يوما باستغلال الفرص التي أتيحت لي ..أقبل رأسك واعتذر لك ان تسببت لك بنوع من الالم أو الإحباط لكن الله قادر على أن يغير مابي ومابك ..ياخلف سنلتقي بهم عند مليك مقتدر وتأكد سنأخذ حقنا كاملا وسنمنعهم ان يستمروا بسرقة وطننا واعدك أن لا اكذب على أحد فلم يعد في العمر بقية … سلام ومحبة وتقدير وتحية خالصة لك ولابناءك وعائلتك فلا أملك لك إلا الدعاء فلا تبتئس لأن الله يسمع ويرى. (منقول من صفحة الباشا ظاهر الطراونه الاخ العزيز ) مع شكري وتقديري لكما. وللحديث بقيه ……

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!