ليل مدينتي كما لا يرى / بقلم : ياسين بوذراع نوري / من الجزائر

 

 

لا أبالغ إن قلت إني كفيف

كفيف بعينين ثاقبتين

كنسر على غيمة في السماء البعيدة

يرقب نبض فريسته

لا أرى

و أرى بالأصابع تنهيدة الضوء في قلة البورسلين

انحناءة مئذنة في الطريق إلى الله

شمسا نحاسية تقطف الظل

تحمله في حقائب باردة و تغادر

ليلا كسيحا يجر مفاصله

يترنح مثل عجوز بخمارة انهكته الكؤوس

المساء الذي يبصق البار في الطرقات

أرى قمرا يرتدي غيمة

كوكبا لا يضيء كما ينبغي

لا أرى…

وأرى حين أستاف رائحة الطين

هذي البيوت المقابر ، هذا الموات

أعد الجنازات الواحدة تلو الأخرى…..

الدكاكين مغلقة و النوافذ

لكنني لا أرى…

و أرى كيف تكسو الطحالب جلد الصخور

و كيف تعض الرطوبة لحم البنايات

كيف الضباب يهز أراجيحه الفاتنات على طرف الجسر

قالت محدثتي في الطريق :

( المدينة دوحة جوز خرافية جمعها لحم أبنائها )

قلت : ( هذي المدينة تأكل أبناءها كالقطط )

صمتت برهة

فشممت ارتعاش أصابعها

كان للصمت رائحة تثقب الرأس

لكن سائق سيارة الأجرة  استدرك الوضع

اطلق ضوضاءه من مكبرة الصوت

( نجمه  ….  يا نجمه )

كأن النجوم هنا انطفأت

ما يقول المغني إذن …. ؟

( أرلوكان ) الذي لم يعد

الضحكة احترقت

علبة الماكياج ، اللباس الطويل المرقع كالشطرنج

هوى المسرح ، انهار فوق الرؤوس

استوى الرمح بالأرض …..

لا تبتسم

أنت في ليل سيرتا

إذن أنت ظل سنونوة لا يقر على شجرة

جثة في العراء

فلا تبتسم .

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!