جنرال يسبح في النّهر/شعر الشاعر صابر العبسي العبسي‏/ تونس

على صخْرةٍ
جلس الجنرالُ كعادته
واضعا ساقه
فوق ساق
لكي لا يفكّر
بل كي يدخّنَ غُليونَه
فجْأة!
راحَ ينزع بدلته العسكريّة
ثُمَّ ارتمى داخلَ النّهرِ
كي يتطهّرَ
من عَرق الإثْم
كلّ التّماسيح ماتتْ،
و مات جميعُ السّمكْ.
الطّحالب كفّت عن الاخْضرار تولولُ
فيما العَصَافِيرُ
تلك التي شردًّتها المدينةُ
تلك التي لم تطلْها
رصاصاتُه السّودُ بَعْدُ
العصافيرُ حطّت
وطارت، بكل ملابسه العسْكريّة
طارت،
و ألقت بها في مصبّ النّفايات
مُنْشدةً غدها واختفتْ.
فعوى الجنرالُ
عوى مُكْفهرّا
سأقْتَصُّ،
أقتصُّ منك،
سَأقتصُّ،
فيما المياهُ
من النّهر جفّتْ
و كلّ الشُجَيْرَاتِ أوراقُها شرعت في النّواحات
و الثّلجُ غطّى
ببرنسه العوسجّي البراري الفسيحةَ
و النّهر كالقبْر
راحَ يضيقُ
يضيقُ
فنّطّ إلى البرّ،

من يوْمها
لم يعدْ قادرا أن يرى نفْسَه قمرا،
لم يعدْ قادرا
أن يرى نفسه بشرا
لم يعدْ قادرا
أن يرى
لم يعد قادرا
أن يعود
إلى عرشه
…………………….
بعْدَ شهْرمن التّيه
و البرْق
و الرّيح
قد بثّت الشّاشةُ الزئبقيّةُ
عوْدتَه عاريا
و الجماهيرُ راقصةً
بالقوارير
بالطّوب و البيْضِ
ترشقه

بَيْدَ أنّ العَصَافيرَ
قَدْ عَثَرُوا في الضّواحي عليها
مُنتّفة الرّيش
دُون رُؤوسٍ ممزّقة
رغْم ذلك،
قَال المؤرّخُ :
ظلَّتْ تُغنّي !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!